وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين

     .. سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر". **** وعن أبي هريرة و أبي سعيد رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إن الله اصطفى من الكلام أربعا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر *** قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بخ بخ لخمس ما أثقلَهن في الميزان: لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، والولد الصالح يُتوفَّى للمرء المسلم فيحتسبه ***

ad

الخميس

صفوان بن أمية


الرسول يعفو عن صفوان بن أمية

صفوان بن أمية بن خلف كان أبوه من أشد المعاندين للرسول ، ومن الذين قُتلوا في بدر، وورث صفوان بن أمية هذه الكراهية من أبيه للإسلام والمسلمين، وحارب الرسول بكل طاقته، وكان ممن التفَّ حول ظهر المسلمين في أُحد هو وخالد بن الوليد ، واشترك اشتراكًا كبيرًا في قَتْل سبعين من شهداء الصحابة ، واشترك أيضًا في غزوة الأحزاب، بل كان من الذين شاركوا في عملية القتال في داخل مكة المكرمة، بل إن صفوان بن أمية قبل ذلك دبَّر محاولة لقتل الرسول .


فهناك عداء شخصي بينه وبين الرسول ، وكانت هذه المحاولة بينه وبين عمير بن وهب ، وكان عمير وقتها لا يزال كافرًا، وفيها تعهَّد صفوان بن أمية لعمير بن وهب أن يتحمل عنه نفقات عياله، وأن يسدِّد عنه دينه في نظير أن يقتل عمير رسول الله

 وأسلم عمير بن وهب في المدينة المنورة بعد أن أخبره الرسول بما دار بينه وبين صفوان في حِجْر الكعبة، ومرت الأيام، وجاء فتح مكة المكرمة وفر صفوان بن أمية، ولم يجد له مكانًا في مكة المكرمة، وعلم أنه لن يُستقبل في أي مكان في الجزيرة العربية؛ ومن ثَمَّ قرر أن يلقي بنفسه في البحر ليموت.

فخرج صفوان في اتجاه البحر الأحمر ومعه غلام اسمه يسار، وليس معه أحد غيره، حتى وصل إلى البحر الأحمر، ورأى صفوان من بعيدٍ أحد الرجال يتتبعه، فخاف وقال لغلامه: "ويحك! انظر من ترى؟".


قال الغلام: "هذا عمير بن وهب".
 وكان عمير بن وهب صديقًا حميمًا لصفوان بن أمية قبل أن يسلم عمير .


فقال صفوان: "وماذا أصنع بعمير؟
 والله ما جاء إلا يريد قتلي".
فهو قد دخل في الإسلام وقد ظاهر محمدًا عليَّ، ولحق عمير بن وهب بصفوان بن أمية
 فقال له: "يا عمير، ما كفاك ما صنعت بي؟
 حملتني دينك وعيالك، ثم جئت تريد قتلي".


فقال: "أبا وهب، جعلت فداك، قد جئتك من عند أبر الناس، وأوصل الناس".


فعندما رأى عمير بن وهب صفوان قد هرب من مكة المكرمة، أسرع إلى رسول الله ، وتذكَّر صديقه القديم، وتذكر الذكريات التي كانت بينه وبين صفوان بن أمية، فخاف عليه، وخشي عليه، وأحب له الإسلام، وأحب له أن يدخل فيما دخل فيه؛ فبدأ يحاول مع الرسول أن يطلب له الأمان

 فقال عمير بن وهب: يا رسول الله، سيد قومي خرج هاربًا ليقذف نفسه في البحر، وخاف ألاّ تُؤَمِّنه، فأمِّنْهُ فداك أبي وأمي.
فقال الرسول : "قَدْ أَمَّنْتُهُ"
فهل روى لنا التاريخ أخلاقًا مثل أخلاق رسول الله ، فهو بحقٍّ كما قال البُوصِيرِيُّ في بُرْدَتِهِ:
مُحَمَّدٌ أَشْرَفُ الأَعْرَابِ وَالْعَجَمِ *** مُحَمَّدٌ خَيْرُ مَنْ يَمْشِي عَلَى قَدَمِ
مُحَمَّدٌ بَاسِطُ الْمَعْرُوفِ جَامِعُهُ *** مُحَمَّدٌ صَاحِبُ الإِحْسَانِ وَالْكَرَمِ


صفوان بن أمية يعلن إسلامه

وصل عمير بن وهب إلى صفوان بن أمية،

وقال له: إن رسول الله قد أمَّنَك.
فخاف صفوان، وقال: لا والله لا أرجع معك حتى تأتيني بعلامةٍ أعرفها.
فرجع عمير بن وهب إلى الرسول ، وقد بذل مجهودًا كبيرًا من البحر الأحمر إلى مكة المكرمة، ما يقرب من ثمانين كيلو مترًا ذهابًا، ثم يقطعها بعد ذلك عودة
 وقال عمير: يا رسول الله، جئتُ صفوان هاربًا يريد أن يقتل نفسه، فأخبرته بما أمنته
 فقال: لا أرجع حتى تأتيني بعلامة أعرفها.
فقال الرسول : "خُذْ عِمَامَتِي إِلَيْهِ".

والرسول يحاول قدر المستطاع أن يأتي بكل إنسان إلى الإسلام، فأخذ عمير العمامة وذهب إلى صفوان بن أمية
 حتى وصل إلى صفوان بن أمية، وأظهر له العمامة
وقال له: يا أبا وهب، جئتك من عند خير الناس، وأوصل الناس، وأبر الناس، وأحلم الناس، مجده مجدك، وعزه عزك، وملكه ملكك، ابن أمك وأبيك، أُذَكِّرك الله في نفسك.
فقال له صفوان في منتهى الخوف: أخاف أن أُقتل.
قال: قد دعاك إلى أن تدخل في الإسلام، فإن رضيتَ وإلا سَيَّرك شهرين.
ولننظر إلى الكرم من رسول الله ، فإن أسلمت الآن انتهت القضية ولك ما للمسلمين، وعليك ما على المسلمين، وإن أردت أن تأخذ شهرين كاملين تفكر فيهما، فأنت في أمان.

فرجع صفوان بن أمية مع عمير بن وهب إلى رسول الله ، ودخل الحرم، والرسول يصلي بالناس صلاة العصر، فوقفا معًا حتى ينتهي الرسول من الصلاة، فقال صفوان لعمير بن وهب: كم تصلون في اليوم والليلة؟
قال: خمس صلوات.
قال: يصلي بهم محمد؟
قال: نعم.

فلما سلم الرسول وانتهى من صلاته، صاح صفوان يخاطب الرسول : "يا محمد" من بعيد، حتى تكون عنده فرصة للهرب. 

"يا محمد، إن عمير بن وهب جاءني بعمامتك، وزعم أنك دعوتني إلى القدوم عليك، فإن رضيت أمرًا وإلا سيرتني شهرين".

فقال في ليونة وسهولة: "انْزِلْ أَبَا وَهْبٍ".
فقال صفوان: لا والله حتى تبين لي.
فقال الرسول : "بَلْ تَسِيرُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ".
تفكر أربعة أشهر كاملة.
وبالفعل أطلق الرسول صفوان بن أمية أربعة أشهر كاملة ليفكر، ولم يأخذ صفوان بن أمية هذه الشهور الأربعة كاملة للتفكير، ولكن صفوان دخل الإسلام بهذه المعاملة الحسنة من الرسول .

المشاركات الشائعة