وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين

     .. سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر". **** وعن أبي هريرة و أبي سعيد رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إن الله اصطفى من الكلام أربعا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر *** قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بخ بخ لخمس ما أثقلَهن في الميزان: لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، والولد الصالح يُتوفَّى للمرء المسلم فيحتسبه ***

ad

الأربعاء

العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه-ساقي الحرمين

اسمه وشرف مكانته

هو العباس بن عبد المطلب بن هاشم عم رسول الله ، ويكنى أبا الفضل، ولد في مكة قبل مولد الرسول بعامين أو ثلاثة. وأمه نتيلة بنت جناب بن كليب، وهي أول من كسا الكعبة الحرير والديباج، وذلك أن العباس ضاع وهو صغير، فنذرت إن وجدته أن تكسو البيت، فوجدته ففعلت. له أحد عشر أخًا، وست أخوات. وقد وُلد للعباس عشرة من الذكور ما عدا الإناث.

  وقد كان العباس أكبر سنًّا من النبي (، فقد ولد قبله بثلاث سنين، ومن حسن أدبه أنه لما سُئل: أأنت أكبر أم رسول الله؟
وكان العباس من سادة قريش، وكان يتعهد المسجد الحرام، فيسقي الحجاج ويقوم بخدمتهم، وقد ورث ذلك عن أبيه عبد المطلب، وكان قبل إسلامه شديد الحب لرسول الله (، ويقف بجانبه، ويدفع عنه أذى المشركين، وحضر مع النبي ( بيعة العقبة الثانية، ليطمئن عليه ( وهو لم يعلن إسلامه بعد، فلما التقوا، وتواعدوا على أن يكون اللقاء في اليوم التالي، كان العباس أول من أتى، فبايع الأنصار رسول الله ( على النصرة والبيعة، والعباس آخذ بيده. [ابن سعد].


مواقفه قبل إعلان إسلامه



شهد مع رسول الله  بيعة العقبة الثانية، وأُخرج إلى بدر مكرهًا مثل غيره من بني هاشم، فأسر وشد وثاقه، وسهر النبي  تلك الليلة ولم ينم، فقالوا: ما يسهرك يا نبي الله؟

قال: "أسهر لأنين العباس". 

فقام رجل من القوم فأرخى وثاقه، ثم أمر الرسول  أن يفعل ذلك بالأسرى كلهم. 

وفدى العباس نفسه وابني أخيه عقيل بن أبي طالب، ونوفل بن الحارث، وحليفه عتبة بن عمرو، وكان أكثر الأُسارى يوم بدر فداءً، لأنه كان رجلاً موسرًا، فافتدى نفسه بمائة أوقية من ذهب.



قصة إسلامه


بيعة العقبة

وفي بيعة العقبة الثانية عندما قدم مكة في موسم الحج وفد الأنصار، ثلاثة وسبعون رجلاً وامرأتان؛ ليعطوا الله ورسوله بيعتهم، وليتفقوا مع الرسول  على الهجرة إلى المدينة، أنهى الرسول  نبأ هذا الوفد إلى عمه العباس ، فقد كان يثق بعمه في رأيه كله، فلما اجتمعوا كان العباس  أول المتحدثين فقال: "يا معشر الخزرج، إن محمدًا منا حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا، ممن هو على مثل رأينا فيه، فهو في عز من قومه، ومنعة في بلده، وإنه قد أَبَى إلا الانحياز إليكم واللحوق بكم، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه، ومانعوه ممن خالفه فأنتم وما تحملتم من ذلك، وإن كنتم ترون أنكم مسلِّموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمن الآن فدعوه، فإنه في عز ومنعة من قومه وبلده".

أهم ملامح شخصيته



 ويجيء يوم حنين ليؤكد فدائية العباس ، فقد كان صوت العباس  يومئذٍ وثباته من ألمع مظاهر السكينة والاستبسال، فبينما كان المسلمون مجتمعين في أحد أودية "تهامة" ينتظرون مجيء عدوهم، كان المشركون قد سبقوهم إلى الوادي وكمنوا لهم في شعابه شاحذين أسلحتهم، وعلى حين غفلة انقضوا على المسلمين في مفاجأة مذهلة جعلتهم يهرعون بعيدًا، وكان حول النبي ساعتئذٍ أبو بكر، وعمر، وعليّ، والعباس وبعض الصحابة  ولم يكن العباس بجواره فقط، بل كان بين قدميه آخذًا بخطام بغلته، يتحدى الموت والخطر، وأمره الرسول  أن يصرخ في الناس، وكان جسيمًا جهوري الصوت، فراح ينادي: "يا معشر الأنصار، يا أصحاب البيعة". فردوا "لبيك لبيك"، وانقلبوا راجعين جميعًا بعد أن شتتهم هجوم المشركين المفاجئ، وقاتلوا وثبتوا، فنصرهم الله.
فلما كانت غزوة بدر، أمر الرسول ( المسلمين بأن لا يقتلوا العباس لأنه خرج مستكرهًا، وبعد المعركة استطاع أبو اليسر -رضي الله عنه- أن يأسر العباس، فلما أحضره إلى النبي ( سأله رسول الله كيف أسرته؟ قال أبو اليسر: لقد أعانني عليه رجل ما رأيته قبل ولا بعد هيئته كذا، فقال رسول الله (: (لقد أعانك عليه ملك كريم).

[ابن هشام وابن سعد].

وقد خشى النبي ( على عمه، وخاف أن يقتله الأنصار، فأمر عمر أن يأتيهم ويأتي بالعباس إليه، فلبَّتْ الأنصار أمر نبيهم، وتركوا العباس، فقال العباس: يا رسول الله، إني كنت مسلمًا. فنزل قوله تعالى: {يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرًا يؤتكم خيرًا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم} [الأنفال: 70].

ويروى أن رجلا من الأنصار سبَّ أبا للعباس كان في الجاهلية، فغضب العباس ولطمه، فجاء الأنصاري إلى قومه، فقالوا: والله لنلطمنه كما لطمه، فلبسوا السلاح. فبلغ ذلك النبي ( فصعد المنبر، وقال: (أيها الناس، أي أهل الأرض أكرم على الله؟) قالوا: أنت. قال: (فإن العباس مني وأنا منه، لا تسبُّوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا). فجاء القوم فقالوا: نعوذ بالله من غضبك يا رسول الله. [أحمد وابن سعد والحاكم].

وقد أسلم العباس -رضي الله عنه- قبل فتح مكة، وحضر الفتح، وهو الذي طلب الأمان لأبي سفيان بن حرب، وكان سببًا في إيمانه، واشترك -رضي الله عنه- بعد ذلك في فتوح المسلمين، وكان يوم حنين ممسكًا بلجام بغلة النبي (، وكان ممن التفَّ حول الرسول ( يدافع عنه بعد أن فرَّ أغلب المسلمين، وأخذ العباس ينادى مع رسول الله ( على المسلمين حتى ثبتوا، وأنزل الله عليهم سكينته، وكان النصر العظيم في ذلك اليوم. [مسلم].

وعندما خرج الرسول ( ومعه أصحابه إلى أهل الطائف، عسكر بجيشه في مكان قريب منها، ثم بعث إليهم حنظلة بن الربيع -رضي الله عنه- ليكلمهم، فلما وصل إليهم خرجوا وحملوه ليدخلوه حصنهم ويقتلوه، فلما رأى الرسول ( ذلك، خاف على حنظلة، ونظر إلى أصحابه يحثهم على إنقاذه، وقال: (مَن لهؤلاء؟ وله مثل أجر غزاتنا هذه) [ابن عساكر]. فلم يقم أحد من الصحابة إلا العباس الذي أسرع ناحية الحصن حتى أدرك حنظلة، وقد كادوا أن يدخلوه الحصن، فاحتضنه وخلصه من أيديهم فأمطروه بالحجارة من داخل الحصن، فجعل النبي ( يدعو له حتى وصل إليه ومعه حنظلة، وقد نجا من هلاك محقق.

وفي خلافة عمر -رضي الله عنه- أجدبت الأرض وأصابها الفقر الشديد، فخرج الناس إلى الصحراء ومعهم عمر والعباس، فرفع عمر بن الخطاب يديه إلى السماء، وقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبيِّنا فتسقينا، وإن نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. [البخاري].

فلما استسقى عمر بالعباس، قام العباس ورفع يديه إلى ربه وقال: اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة، وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة، فاسقنا الغيث. ولم يكد العباس ينهي دعاءه حتى امتلأت السماء بالغيوم والسحاب، وأنزل الله غيثه، فانطلق الناس يهنئون العباس، ويقولون له: هنيئًا لك ساقي الحرمين.

وكان للعباس مكانة كبيرة في قلوب المسلمين، وعظماء الصحابة، فيروى أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- كان جالسًا بجانب النبي ( فرأى العباس مقبلاً، فقام أبو بكر له وأجلسه مكانه بجوار رسول الله (، فقال النبي ( لأبي بكر: (إنما يعرف الفضل لأهل الفضل أهلُ الفضل) [ابن عساكر].

وكان أبو بكر إذا قابل العباس نزل من على دابته، وسار معه احترامًا وإكرامًا له حتى يصل العباس إلى المكان الذي يريده، وكان علي بن أبي طالب يقبل يد العباس ويقول له: يا عم، ارض عني.

لما كان عام الرمادة، وهو عام الجدب سنة ثماني عشرة، استسقى عمر بن الخطاب  بالعباس 


بعض الأحاديث التي نقلها عن المصطفى



المشاركات الشائعة