وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين

     .. سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر". **** وعن أبي هريرة و أبي سعيد رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إن الله اصطفى من الكلام أربعا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر *** قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بخ بخ لخمس ما أثقلَهن في الميزان: لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، والولد الصالح يُتوفَّى للمرء المسلم فيحتسبه ***

ad

الثلاثاء

عبد الله بن الزبير بن العوام -رضي الله عنه الشهيد العائذ بالبيت-

مقدمة عن حياته 
إنه أبو بكر عبد الله بن الزبير بن العوام -رضي الله عنه-، ابن ذات النطاقين
أسماء بنت أبي بكر، وقد وضعته أمه حين وصلت قُباء، فكان أول مولود للمهاجرين بعد الهجرة، ثم أتت به أمه الرسول ( فوضعه في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها ثم وضعها في فمه، فكان أول شيء دخل بطنه ريق النبي (، ثم دعا له بالبركة، وسماه عبد الله على اسم جده
أبي بكر وكناه بكنيته. [مسلم]،


وكان ميلاده حدثًا عظيمًا أبطل مزاعم اليهود الذين زعموا أنهم سحروا المسلمين فلن يولد لهم بالمدينة ولد، وكبَّر الصحابة حين ولد تكبيرة اهتزت المدينة منها.
ونشأ عبد الله في بيت النبوة حيث تربى في حجر خالته عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-، وظهرت عليه علامات الشجاعة منذ طفولته.

وذات يوم تحدث بعض الصحابة مع النبي ( في أمر أبناء المهاجرين والأنصار الذين ولدوا في الإسلام حتى ترعرعوا من أمثال عبد الله بن الزبير، وعبد الله بن جعفر، وعمر بن أبي سلمة، 

وقالوا له: لو بايعتهم فتصيبهم بركتك، ويكون لهم ذكر؟،

وجاءوا بهم إلى النبي ( فخافوا ووجلوا من النبي ( إلا عبد الله بن الزبير الذي اقتحم أولهم، فرآه النبي ( فتبسَّم، وقال: (إنه ابن أبيه).
وبايعه النبي ( وهو ابن سبع سنين. [مسلم].

وكان عبد الله فارسًا شجاعًا يحب الجهاد، ويذهب مع أبيه ليتدرب على ركوب الخيل والمبارزة، وشهد معه معارك عديدة منها اليرموك، واشترك في فتح إفريقية، وهو الذي حمل البشرى إلى الخليفة عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بفتحها. وكان -رضي الله عنه- عابدًا لله، قارئًا لكتاب الله، قوامًا لليل، صوامًا للنهار، قال عنه عمرو بن دينار: ما رأيت مصليًا أحسن صلاة من ابن الزبير.

وقال ثابت البناني: كنت أمرُّ بابن الزبير وهو خلف المقام يصلي، كأنه خشبة منصوبة لا تتحرك. وكان أحد الذين أمرهم عثمان -رضي الله عنه- بنسخ المصاحف.


قال عمر بن عبد العزيز يومًا لابن أبي مليكة: صف لنا عبد الله بن الزبير..
 فقال: والله ما رأيت نفسًا رُكبت بين جنبين مثل نفسه، ولقد كان يدخل في الصلاة، فيخرج من كل شيء إليها، وكان يركع أو يسجد فتقف العصافير فوق ظهره وكاهله لا تحسبه من طول ركوعه وسجوده إلا جدارًا.
واشترك -رضي الله عنه- مع أبيه في موقعة الجمل، وبعد أن أصبح الحكم في يد بني أمية ظل عبد الله على خلاف معهم، فاعترض على ولاية يزيد بن معاوية.

 ولما توفي يزيد بايعت جميع الولايات الإسلامية عبدالله بن الزبير أميرًا للمؤمنين، واتخذ عبدالله من مكة عاصمة لدولته، وبسط يده على الحجاز واليمن والبصرة والكوفة والشام كلها ما عدا دمشق، وظل عبدالله باسطًا يده على هذه البلاد حتى استطاع مروان بن الحكم أن ينتزع منه هذه الولايات عدا الحجاز التي ظلت تحت سيطرة عبدالله.

ورغم ذلك لم يهدأ الأمويون، فأخذوا يشنون حروبًا متصلة ضد ابن الزبير، انهزموا في أكثرها حتى جاء عهد عبد الملك بن مروان الذي أرسل الحجاج بن يوسف الثقفي على رأس جيش كبير لغزو مكة عاصمة ابن الزبير، فحاصرها ستة أشهر مانعًا عن الناس الماء والطعام كي يحملهم على ترك عبد الله بن الزبير، وتحت وطأة الجوع استسلم الكثير من جنوده، ووجد عبد الله نفسه وحيدًا، فقرر أن يتحمل مسئوليته حتى النهاية، وراح يقاتل جيش الحجاج في شجاعة فائقة، وكان عمره يومئذ سبعين سنة.

وأثناء ذلك ذهب عبد الله إلى أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنها-، وأخذ يشرح لها موقفه،

فقالت له: يا بني، إنك أعلم بنفسك، إن كنت تعلم أنك على حق، وتدعو إلى حق، فاصبر عليه حتى تموت في سبيله، ولا تملك من رقبتك غلمان بني أمية، وإن كنت تعلم أنك أردت الدنيا فلبئس العبد أنت أهلكت نفسك، وأهلكت من قتل معك.
فقال عبد الله: والله يا أماه، ما أردت الدنيا، ولا ركنت إليها، وما جُرْتُ في حكم الله أبدًا، ولا ظلمت، ولا غدرت.
فقالت أمه أسماء: أني لأرجو الله أن يكون عزائي فيك حسنًا، إن سبقتني إلى الله أو سبقتك، اللهم ارحم طول قيامه في الليل، وظمأه في الهواجر (الأيام الشديدة الحر)، وبرَّه بأبيه وبي، اللهم أني أسلمته لأمرك فيه، ورضيت بما قضيت، فأثبني في عبد الله ثواب الصابرين الشاكرين.
وانطلق عبد الله يقاتل الحجاج مع مَنْ تبقَّى معه من المسلمين حتى استشهد ومعه كثير من المسلمين وكان ذلك عام (37هـ).

ولما قتل عبد الله كبر أصحاب الحجاج فسمعهم ابن عمر
 فقال: أما والله للذين كبروا عند مولده خير من هؤلاء الذين كبروا عند قتله.
ثم صلبه الحجاج على إحدى الطرق، فمرَّ به ابن عمر وهو مصلوب
فقال: السلام عليك يا أبا خبيب، قالها ثلاث مرات، أما والله، لقد كنت أنهاك عن هذا (يقصد قتال بني أمية) ثم أخذ يثني عليه ويذكر صيامه وقيامه ومكانته.
وجاءت أمه أسماء بنت أبي بكر وكانت عجوزًا مكفوفة البصر
فقالت للحجاج: أما آن لهذا الراكب أن ينـزل (تقصد عبد الله المصلوب)؟ 
فأنزله، فغسله المسلمون ودفنوه -رضي الله عنه-.

القصة بالتفصيل
هو عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشي الأسدي. وأمه السيدة "أسماء بنت أبي بكر الصديق". وهو أحد العبادلة، وأحد الشجعان من الصحابة، وأحد من ولي الخلافة منهم، يكنى أبا بكر.


مولد عبد الله بن الزبير :
ولد عام الهجرة، وحفظ عن النبي وهو صغير، وحدَّث عنه بجملة من الحديث، وهو يُعَدّ أول مولود للمسلمين في المدينة بعد الهجرة، وكان فرح المسلمين بولادته كبيرًا، وسعادتهم به طاغية؛ لأن اليهود كانوا يقولون: سحرناهم فلا يولد لهم ولد.

ونشأ عبد الله بن الزبير نشأة طيبة، وتنسم منذ صغره عبق النبوة، وكانت خالته السيدة عائشة رضي الله عنها تُعنَى به وتتعهده، حتى كنيت باسمه، فكان يقال لها: "أم عبد الله"؛ لأنها لم تنجب ولدًا.


قصة بيعة عبد الله بن الزبير للرسول :
فعن هشام بن عروة، عن أبيه وزوجته فاطمة، قال: خرجت أسماء حين هاجرت حبلى، فنفست بعبد الله بقباء. قالت أسماء رضي الله عنها: فجاء عبد الله بعد سبع سنين ليبايع النبي، أمره بذلك أبوه الزبير، فتبسم النبي حين رآه مقبلاً، ثم بايعه.



أهم ملامح شخصية عبد الله بن الزبير :

1- كثرة حبه للعبادة بجميع أنواعها :



يروي عبد الملك بن عبد العزيز، عن خاله يوسف بن الماجشون، عن الثقة بسنده قال: قسَّم عبد الله بن الزبير الدهر على ثلاث ليال؛ فليلة هو قائم حتى الصباح، وليلة هو راكع حتى الصباح، وليلة هو ساجد حتى الصباح.


2- حبه الشديد للجهاد :

لم يكن غريبًا على من نشأ هذه النشأة الصالحة أن يشب محبًّا للجهاد؛ فقد شهد وهو في الرابعة عشرة من عمره معركة اليرموك الشهيرة سنة (15هـ/ 636م)، واشترك مع أبيه في فتح مصر، وأبلى بلاءً حسنًا، وخاض عمليات فتح شمال إفريقيا تحت قيادة عبد الله بن سعد في عهد عثمان بن عفان ، وأبدى من المهارة والقدرة العسكرية ما كفل للجيش النصر، كما اشترك في الجيوش الإسلامية التي فتحت إصطخر.


بعض مواقف عبد الله بن الزبير مع الرسول :

وهو أول مولود ولد في الإسلام بعد الهجرة للمهاجرين، فحنَّكه رسول الله بتمرة لاكها في فِيه، ثم حنّكه بها، فكان ريق رسول الله أول شيء دخل جوفه، وسمّاه عبد الله، وكناه أبا بكر بجدِّه أبي بكر الصّدّيق.


مواقف عبد الله بن الزبير مع الصحابة :

موقف عبد الله بن الزبير مع عمر بن الخطاب :


تنبَّأ له عمر بن الخطاب بمستقبل باهر؛ لما رأى من رباطة جأشه وثبات قلبه واعتداده بنفسه؛ فقد مرَّ عمر بعبد الله وهو يلعب مع رفاقه من الصبيان، فأسرعوا يلوذون بالفرار هيبةً لعمر وإجلالاً له، في حين ثبت عبد الله بن الزبير، ولزم مكانه،
 فقال له عمر : ما لك لم تفر معهم؟ 
فقال عبد الله : لم أجرم فأخافك، ولم يكن الطريق ضيقًا فأوسع لك.


موقف عبد الله بن الزبير مع معاوية بن أبي سفيان :

كان لعبد الله بن الزبير مزرعة بمكة بجوار مزرعة معاوية ، وكان عمال معاوية يدخلونها، فكتب ابن الزبير لمعاوية خطابًا كتب فيه: (من عبد الله بن الزبير ابن ذات النطاقين وابن حواري الرسول إلى معاوية ابن هند بنت آكلة الأكباد، إن عمالك يدخلون مزرعتي، فإن لم تنههم ليكونَنَّ بيني وبينك شأن، والسلام).

فلما وصل الخطاب لمعاوية كتب له خطابًا ذكر فيه: (من معاوية ابن هند بنت آكلة الأكباد إلى ابن الزبير ابن ذات النطاقين وابن حواري الرسول، لو كانت الدنيا لي فسألتها لأعطيتكها، ولكن إذا وصلك خطابي هذا فضُم مزرعتي إلى مزرعتك، وعمالي إلى عمالك، فهي لك، والسلام). فلما قرأها بلَّها بالدموع، وركب من مكة إلى معاوية في الشام، وقبَّل رأسه، وقال له: "لا أعدمك الله عقلاً أنزلك هذه المنزلة".




مواقف عبد الله بن الزبير مع التابعين :

موقف عبد الله بن الزبير مع يزيد بن معاوية :




لما تولى يزيد بن معاوية الخلافة سنة (60هـ/ 679م)، حرص على أخذ البيعة من الأمصار الإسلامية، فلبت نداءه وبايعته دون تردد، في حين استعصت عليه بلاد الحجاز حيث يعيش أبناء الصحابة الذين امتنعوا عن مبايعة يزيد ، وكان في مقدمة الممتنعين الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، غير أن يزيد بن معاوية ألحَّ في ضرورة أخذ البيعة منهما، ولو جاء الأمر قسرًا وقهرًا لا اختيارًا وطواعية، ولم يجد ابن الزبير مفرًّا من مغادرة المدينة والتوجه إلى مكة، والاحتماء ببيتها العتيق، وسمَّى نفسه "العائذ بالبيت"، وفشلت محاولات يزيد في إجباره على البيعة.




وبعد استشهاد الحسين بن علي في معركة "كربلاء" في العاشر من المحرم سنة (61هـ/ 10 من أكتوبر 680م) التفَّ الناس حول ابن الزبير ، وزاد أنصاره سخطًا على يزيد بن معاوية ، وحاول يزيد أن يضع حدًّا لامتناع ابن الزبير عن مبايعته، فأرسل إليه جيشًا بقيادة مسلم بن عقبة، غير أنه توفي وهو في الطريق إلى مكة، فتولى قيادة الجيش "الحصين بن نمير"، وبلغ مكة في (26 من المحرم 64هـ)، وحاصر ابن الزبير أربعة وستين يومًا، دارت خلالها مناوشات لم تحسم الأمر، وفي أثناء هذا الصراع جاءت الأنباء بوفاة يزيد بن معاوية في (14 من ربيع الأول سنة 64هـ/ 13 من إبريل 685م)، فسادت الفوضى والاضطراب في صفوف جيش يزيد .




موقف عبد الله بن الزبير مع الحصين بن نمير :



توقف القتال بين الفريقين، وعرض (الحصين بن نمير) على ابن الزبير أن يبايعه قائلاً له: "إن يك هذا الرجل قد هلك (أي يزيد)، فأنت أحق الناس بهذا الأمر، هلُمَّ فلنبايعك، ثم اخرج معي إلى الشام؛ فإن الجند الذين معي هم وجوه أهل الشام وفرسانهم، فوالله لا يختلف عليك اثنان".




لكن ابن الزبير رفض هذا العرض، الذي لو قبله لربما تمَّ له الأمر دون معارضة؛ لأن بني أمية اضطرب أمرهم بعد موت يزيد بن معاوية ورفْض ابنه معاوية بن يزيد تولي الأمر، ثم لم يلبث أن تُوُفِّي هو الآخر بعد أبيه مباشرة.




أعلن ابن الزبير نفسه خليفة للمسلمين عقب وفاة يزيد بن معاوية ، وبويع بالخلافة في (7 من رجب 64هـ/ 1 من مارس 648م)، ودخلت في طاعته ومبايعته الكوفة، والبصرة، ومصر، وخراسان، والشام معقل الأمويين، ولم يبق سوى الأردن على ولائه لبني أمية بزعامة حسان بن بَحْدَل الكلبي، ولم يلق ابن الزبير تحديًا في بادئ الأمر، فهو صحابي جليل تربَّى في بيت النبوة، واشتهر بالتقوى والصلاح والزهد والورع، والفصاحة والبيان والعلم والفضل، وحين تلفَّت المسلمون حولهم لم يجدوا خيرًا منه لتولي هذا المنصب الجليل.




بعض الأحاديث التي نقلها عبد الله بن الزبير عن النبي :
يروي عروة، عن عبد الله بن الزبير ، أنه حدثه أن رجلاً من الأنصار خاصم الزبير عند النبي في شِرَاج الحَرَّة التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سرِّح الماء يمر. فأبى عليه، فاختصما عند النبي، فقال رسول الله للزبير: "اسْقِ يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك". فغضب الأنصاري، فقال: أن كان ابن عمتك! فتلوَّن وجه رسول الله، ثم قال: "اسْقِ يا زبير، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجَدْر". فقال الزبير : والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65].




وعن أبي نعيم، حدثنا عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل، عن عباس بن سهل بن سعد، قال: سمعت ابن الزبير على المنبر بمكة في خطبته يقول: يا أيها الناس، إن النبي كان يقول: "لو أن ابن آدم أُعطِي واديًا مَلْئًا من ذهب أحبَّ إليه ثانيًا، ولو أعطي ثانيًا أحب إليه ثالثًا، ولا يسدّ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب".




ما قيل عن عبد الله بن الزبير :
- قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله يومًا لابن أبي مُلَيْكة: صِفْ لنا عبد الله بن الزبير . فقال: "والله ما رأيت نفسًا رُكّبت بين جَنْبين مثل نفسه، ولقد كان يدخل في الصلاة فيخرج من كل شيء إليه، وكان يركع أو يسجد فتقف العصافير فوق ظهره وكاهله، لا تحسبه من طول ركوعه وسجوده إلا جدارًا أو ثوبًا مطروحًا، ولقد مرَّت قذيفة منجنيق بين لحيته وصدره وهو يصلي، فوالله ما أحسَّ بها ولا اهتزَّ لها، ولا قطع من أجلها قراءته، ولا تعجَّل ركوعه".




- وسئل عنه ابن عباس فقال على الرغم مما بينهم من خلاف: "كان قارئًا لكتاب الله، مُتَّبِعًا سنة رسوله، قانتًا لله، صائمًا في الهواجر من مخافة الله، ابن حواريّ رسول الله، وأمه أسماء بنت الصديق، وخالته عائشة زوجة رسول الله، فلا يجهل حقه إلا من أعماه الله".




- قال عمر بن قيس: "كان لابن الزبير مائة غلام، يتكلّم كل غلام منهم بلغة أخرى، وكان الزبير يكلّم كلَّ واحد منهم بلغته، وكنت إذا نظرتُ إليه في أمر دنياه قلت: هذا رجلٌ لم يُرِد الله طرفةَ عين. وإذا نظرتُ إليه في أمر آخرته قلت: هذا رجلٌ لم يُرِد الدنيا طرفة عين".




وفاة عبد الله بن الزبير :
توجّه الحَجَّاج الثقفي بعد مقتل مصعب بن الزبير على رأس جيش كبير من عشرين ألفًا من جند الشام إلى الحجاز، وضرب حصارًا على مكة، فأصاب أهل مكة مجاعة كبيرة. وراح عبد الله بن الزبير يسأل أمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، ماذا يفعل وقد تخلّى عنه الناس؟
 فقالت له: "إن كنت على حقٍّ فامضِ لشأنك، لا تمكّن غلمان بني أميّة، وإن كنتَ إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت! أهلكت نفسك ومن معك؛ القتل أحسن". فقال: "يا أُمَّتِ، إني أخاف إن قتلوني أن يمثِّلوا بي". قالت: "إنّ الشاة لا يضرُّها سلخها بعد ذبحها".

فخرج من عندها، وذهب إلى القتال، فاستشهد في المعركة في (17 من جمادى الأولى 73هـ/ 4 من أكتوبر 692م)، وبوفاته انتهت دولته التي استمرت نحو تسع سنين. وكان عُمر ابن الزبير يوم استشهاده 72 سنة.

المشاركات الشائعة