وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين

     .. سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر". **** وعن أبي هريرة و أبي سعيد رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إن الله اصطفى من الكلام أربعا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر *** قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بخ بخ لخمس ما أثقلَهن في الميزان: لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، والولد الصالح يُتوفَّى للمرء المسلم فيحتسبه ***

ad

السبت

الحديث

الحديث باعتبار وصوله إلينا ينقسم إلى قسمين:

متواتر، وآحاد.

أما المتواتر فهو: 


ما رواه عدد كثير تحيل العادة تواطؤهم على الكذب، ولابد من وجود هذه الكثرة في جميع الطبقات، وهذا النوع من الخبر مقبول كله، ولا حاجة إلى البحث عن رواته.

أما القسم الثاني وهو حديث الآحاد فهو: 


ما لم يجمع شروط المتواتر، وهو ينقسم من حيث عدد رواته إلى ثلاثة أقسام: 


مشهور، عزيز، غريب.

أما المشهور فهو: 


ما رواه ثلاثة فأكثر في كل طبقة، ما لم يبلغ حد التواتر.

والعزيز: 


ما لا يقل رواته عن اثنين في جميع طبقات السند.

والقسم الثالث: - 


وهو الغريب -

 هو ما ينفرد بروايته راو واحدٌ.

هذه الأقسام الثلاثة هي المسماة بحديث الآحاد، وهو بأقسامه الثلاثة من مشهور، وعزيز، وغريب ينقسم بالنسبة إلى قوته، وضعفه إلى قسمين، وهما مقبول ومردود.

أما المقبول فهو: 


ما ترجح صدق المخبر به، وأنواعه أربعة:

- صحيح لذاته.

- حسن لذاته.

- صحيح لغيره.

- حسن لغيره.

أما الصحيح لذاته فهو: 


ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة.

والحسن لذاته هو: 


ما اتصل سنده بنقل العدل الذي خف ضبطه عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة.

والصحيح لغيره هو:


الحسن لذاته إذا روي من طريق آخر مثله، أو أقوى منه، وسمي صحيحاً لغيره، لأن الصحة لم تأت من ذات السند، وإنما جاءت بانضمام غيره إليه.

والحسن لغيره هو: 


الحديث الضعيف إذا تعددت طرقه، ولم يكن سبب ضعفه فسق الراوي ولا كذبه، هذه هي الأقسام الأربعة كلها داخلة في الحديث المقبول الذي يحتج به، وإذا وصف الحديث في آن واحد بأنه حسن وصحيح كما يقول الترمذي غالباً، فمعنى ذلك - كما قال ابن حجر وارتضاه السيوطي - أنه إن كان للحديث إسنادان فأكثر، فالمعنى أنه حسن باعتبار إسنادٍ وصحيح باعتبار إسناد آخر، وإن كان له إسناد واحدٌ، فالمعنى حسن عند قوم صحيح عند قوم آخرين.

أما القسم الثاني من قسمي حديث الآحاد وهو المردود فهو:


ما لم يترجح صدق المخبر به، لفقد شرط أو أكثر من شروط القبول التي مرت بنا في الكلام على الحديث المقبول بأنواعه الأربعة، وقد قسم العلماء المردود إلى أقسام كثيرة، وأطلقوا على كثير من تلك الأقسام أسماء خاصة بها، ومنها ما لم يطلقوا عليها اسما خاصاً بها، بل سموها باسم عام، وهو الضعيف، وهذا الاسم يعتبر هو الاسم العام لنوع الحديث المردود، وهو ما لم تتوفر فيه صفة الحسن التي هي أدنى درجات القبول.

قال البيقوني في منظومته: 


وكل ما عن رتبة الحسن قصر* فهو الضعيف وهو أقسام كثر.

أما الحديث الموضوع


فهو المختلق المصنوع المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أقبح أنواع الضعيف، بل من العلماء من يعتبره قسماً مستقلاً وليس نوعاً من أنواع الحديث الضعيف.

وبهذه العجالة نرجو أن يتضح للسائل الفرق بين المتواتر والآحاد بأنواعه الثلاثة، وبين الصحيح بأنواعه الأربعة، وأن يعرف الضعيف والموضوع.

أما الحديث المرسل فهو ما سقط من آخر إسناده من بعد التابعي، وصورته أن يقول التابعي صغيراً كان أو كبيراً:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو فعل أو نحو ذلك.

والمرفوع هو:


ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول وفعل وتقرير وصفة، سواء أضافه الصحابي، أو من دونه، فهو أعم من المرسل.


فالمدلس:

هو من يحدث عمن سمع منه ما لم يسمع منه بصيغة توهم أنه سمعه منه، مثل ‏قوله: عن فلان، أو قال فلان.‏
قال الإمام ابن حجر: والقسم الثاني: وهو الخفي المدلس -بفتح اللام- سمي بذلك لكون ‏الراوي لم يسم من حدثه، وأوهم سماعه للحديث ممن لم يحدثه به… وحكم من ثبت عنه ‏التدليس إذا كان عدلاً ألا يقبل منه إلا ما صرح فيه بالتحديث على الأصح. انظر نزهة ‏النظر في توضيح نخبة الفكر لابن حجر صـ85 وللتدليس أقسام عدة تندرج تحت قسمين ‏رئيسين: 
‏1- تدليس الإسناد
2-تدليس الشيوخ.

أما تدليس الإسناد فهو:

أن يروي عمن لقيه أو ‏عاصره ما لم يسمع منه،
موهماً أنه سمعه منه ولا يقول في ذلك: ( حدثنا ولا أخبرنا) وما ‏أشبهها، بل يقول: ( قال فلان) أو ( عن فلان) ثم قد يكون بينهما واحد، وقد يكون ‏أكثر.‏


مثاله: 

الحديث الذي رواه أبو عوانة الوضاح عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن ‏أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم 

قال: " فلان في النار ينادي: يا حنان يا منان " ‏فالأعمش مدلس.

وقد قال أبو عوانة: قلت للأعمش: سمعت هذا من إبراهيم؟

فقال: لا، ‏حدثني به حكيم بن جبير عنه، فقد دلس الأعمش الحديث عن إبراهيم، فلما استفسر بين ‏الواسطة بينه وبينه.‏


وتدليس الشيوخ هو: أن يصف شيخه بأوصاف لا يعرف بها، ليوهم أنه آخر، فيكثر ‏بذلك شيوخه.

 وعرفه البعض بأن يروي عن شيخ حديثاً سمعه منه فيسمي الشيخ أو يكنيه ‏أو ينسبه أو يصفه بما لا يعرف به كيلا يعرف.

يضاف إلى ما ذكرنا قسم ثالث وهو ‏تدليس التسوية، وقد جعله ابن الصلاح داخلاً ضمن تدليس الشيوخ، وجعله آخرون نوعاً ‏من أنواع تدليس الإسناد، وقالوا هو شر أنواع التدليس

وتعريفه: هو أن يروي المدلس ‏حديثاً عن ضعيف بين ثقتين لقي أحدهما الآخر، فيسقط الضعيف، ويجعل بين الثقتين ‏عبارة موهمة للاتصال، فيستوي الإسناد كله ثقات لمن لم يخبر هذا الشأن. 

وقد سماه ‏القدماء تجويداً.

 وقد مثل له البعض بقولهم: ما كان يفعله الإمام مالك عن ثور بن زيد ‏عن ابن عباس مسقطا ما بينهما وهو عكرمة لأنه عنده ليس بحجة، وثور وابن عباس لم ‏يتلاقيا أصلاً.

 تدريب الراوي ( 1/256) ولكن هذا ليس بصحيح كما قال ابن القطان، ‏فإن الإمام مالك لم يقع في التدليس أصلاً فقال: ( التحقيق أن يقال: متى قيل تدليس ‏التسوية، فلا بد أن يكون كل من الثقات الذين حذفت بينهم الوسائط في ذلك الإسناد، ‏قد اجتمع الشخص منهم بشيخ شيخه في ذلك الحديث، وإن قيل: تسوية بدون لفظ ‏التدليس لم يحتج إلى اجتماع أحد منهم عن فوقه، كما فعل مالك، فإنه لم يقع في التدليس ‏أصلاً، ووقع في هذا -أي التسوية-فإنه يروي عن: ثور عن ابن عباس، وثور لم يلقه، وإنما ‏روى عن عكرمة عنه، فأسقط عكرمة، لأنه غير حجة عنده، وعلى هذا يفارق المنقطع بأن ‏شروط الساقط أن يكون ضعيفاً، فهو منقطع خاص) تدريب الراوي ( 1/259).‏


وخلاصة ما تقدم أن هناك فرقاً بين تدليس التسوية، وبين التسوية، وأن إسقاط مالك ‏لعكرمة هنا ليس تدليساً ولا يضر، لأن شيخ مالك وهو ثور لم يلق ابن عباس، ‏فالانقطاع ظاهر بين ثور وابن عباس ، وإنما أسقط مالك عكرمة لأنه غير حجة عنده، أما ‏لو كان شيخ مالك وهو ثور لقي ابن عباس فيكون تدليساً.‏

أما الدار قطني فقد وصفه ابن طاهر بالتدليس قائلاً: ( كان له مذهب خفي في التدليس ‏يقول: قرىء على أبي القاسم البغوي حدثكم فلان) يريد محمد بن طاهر أن تلك العبارة ‏وهم أنه سمع منه.

 لكن الصحيح أن لا يوصف بالتدليس لمثل ذلك.‏

وأما البخاري، فقد وصفه ابن منده بالتدليس لأنه كان يقول: "قال فلان، وقال لنا فلان" ‏لكن لم يوافق على هذا الرأي فكان شاذاً.

 كما وصف الإمام مسلم بذلك أيضاً.

 وقد رد ‏العلماء ذلك وقالوا: هذه الروايات التي لم يصرح فيها أصحابها بالسماع منزلة منزلة ‏السماع، وذلك لمجيئها من طريق آخر مصرح فيه بالسماع، غير أنهما يؤثران الطريق التي ‏لم يصرح بالسماع لكون الأولى جاءت على شرط صاحب الكتاب دون الثانية، قال ابن ‏الصلاح: ( كل هذا محمول على ثبات السماع عندهم من جهة أخرى) كماأنه يشفع ‏للشيخين ( البخاري ومسلم) ما جاء في المستخرجات على صحيحيهما من الطرق ‏الكثيرة، التي صرح فيها بالتحديث والسماع. كما يشفع لمسلم خاصة كثرة طرق ‏الحديث الواحد في صحيحه، فهو يأتي بالمتصلة أولاً وما صرح فيها بلفظ السماع، ثم ‏يعقبها بما ليس فيه تصريح بالسماع، وهو بهذا إذا احتج إنما يحتج بالمتصلة منها لا بغيرها.‏


وأما سفيان بن عيينة: فقد قال عنه ابن حجر: ( ثقة حافظ فقيه إمام حجة، إلا أنه تغير ‏حفظه بآخره، وكان ربما دلس لكن عن الثقات) وتدليسه هذا نادر، ولا يضر، لأنه لا ‏يدلس إلا عن الثقات.

 وإذا وقف أحال عن ابن جريح ومعمر وأمثالهما.

 قال ابن حبان ( ‏هذا شيء ليس في الدنيا إلا لسفيان بن عيينة، فإنه كان يدلس، ولا يدلس إلا عن ثقة ‏متقن. ولا يكاد يوجد له خبر دلس فيه، إلا وقد بين سماعه عن ثقة مثل ثقته). انظر ‏تقريب التهذيب لابن حجر صـ591، وأسباب رد الحديث للدكتور محمد محمود بكار ‏صـ109 وإذا أردت التوسع في ذلك فيمكنك الرجوع إلى تدريب الراوي للسيوطي، ‏وعلوم الحديث لابن الصلاح إلخ. 

والله أعلم.‏


وإليك أحوال المدلسين باختصار:

1- منهم من تسامح الأئمة في قبوله لكونه ثقة، ولكون ‏تدليسه نادراً

2- من احتمله الأئمة لكونه لا يدلس إلا عن ثقة مثل سفيان بن عيينة

3- ‏أئمة ثقات، لكن كثر تدليسهم عن الضعفاء والمجهولين

مثل: بقية بن الوليد. فهذا لا يحتج ‏به إلا إذا صرح بأنه سمع الحديث من الراوي.‏


ضعفاء لا يحتج بهم ولو صرحوا بالسماع ممن يروون عنه لأنه ازداد ضعفهم بالتدليس.‏

وذكر ابن حجر مرتبة خامسة في طبقات المدلسين ، وهي: من ضعف بأمر آخر سوى ‏التدليس، وانضم إليه ضعف آخر كابن لهيعة.‏

وقول المحدث هذا حديث صحيح الإسناد، أو حسن الإسناد، ومثلهما إسناده صحيح كما في عبارة السائل دون مرتبة قوله حديث صحيح أو حسن، لأن الحديث قد يصح أو يحسن إسناده ولا يسلم متنه من الشذوذ أو العلة.

فكأن المحدث إذا قال إحدى الجمل الثلاث الأول قد تكفل بثلاثة من شروط الصحة، وهي: اتصال السند، وعدالة الرواة، وضبطهم.

بخلاف ما إذا قال: حديث صحيح أو حسن، فإنه قد حكم بتوافر شروط الصحة الخمسة التي هي الثلاثة المتقدمة والسلامة من الشذوذ والعلة، هذا هو الأصل، لكن لو اقتصر حافظ معتمد على قوله حديث صحيح الإسناد أو حسنه، ولم يذكر علة ولا شذوذاً، فالظاهر صحة المتن، لأن الأصل عدم العلة والشذوذ.

أما السند فهو:

 سلسلة الرجال الموصلة للمتن إلى قائله.

والمتن هو:

 ما ينتهي إليه السند من الكلام.

هذا وننبه السائل الكريم إلى أن أغلب هذه الأقسام متشعب إلى شعب أكثر مما ذكرنا، ومختلف في بعض الأحيان في تعريفه، فإذا أراد الاطلاع أكثر، والمزيد من الفائدة، فليرجع إلى كتب المصطلح المخصصة لهذا الباب.

والله أعلم.

المشاركات الشائعة