وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين

     .. سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر". **** وعن أبي هريرة و أبي سعيد رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إن الله اصطفى من الكلام أربعا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر *** قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بخ بخ لخمس ما أثقلَهن في الميزان: لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، والولد الصالح يُتوفَّى للمرء المسلم فيحتسبه ***

ad

الاثنين

ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا



قوله تعالى : ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور .

[ ص: 65 ] فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قرأ نافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي وابن محيصن : ( تصاعر ) بالألف بعد الصاد .

وقرأ ابن كثير وعاصم وابن عامر والحسن ومجاهد : ( تصعر ) ، وقرأ الجحدري : ( تصعر ) بسكون الصاد ; والمعنى متقارب .

والصعر : الميل ; ومنه قول الأعرابي : وقد أقام الدهر صعري ، بعد أن أقمت صعره .

ومنه قول عمرو بن حني التغلبي :

وكنا إذا الجبار صعر خده أقمنا له من ميله فتقوم

وأنشده الطبري : ( فتقوما ) . قال ابن عطية : وهو خطأ ; لأن قافية الشعر مخفوضة . 

وفي بيت آخر :

أقمنا له من خده المتصعر

قال الهروي : ( ولا تصاعر ) أي لا تعرض عنهم تكبرا عليهم ; يقال : أصاب البعير صعر وصيد إذ أصابه داء يلوي منه عنقه .


ثم يقال للمتكبر : فيه صعر وصيد ; فمعنى : لا تصعر أي لا تلزم خدك الصعر .

 وفي الحديث : ( يأتي على الناس زمان ليس فيهم إلا أصعر أو أبتر ) والأصعر : المعرض بوجهه كبرا ; وأراد رذالة الناس الذين لا دين لهم .

وفي الحديث : ( كل صعار ملعون ) أي كل ذي أبهة وكبر .

الثانية : معنى الآية : ولا تمل خدك للناس كبرا عليهم وإعجابا واحتقارا لهم .

وهذا تأويل ابن عباس وجماعة .

وقيل : هو أن تلوي شدقك إذا ذكر الرجل عندك كأنك تحتقره ; فالمعنى : أقبل عليهم متواضعا مؤنسا مستأنسا ، وإذا حدثك أصغرهم فأصغ إليه حتى يكمل حديثه .

وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل .

قلت : ومن هذا المعنى ما رواه مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تباغضوا ولا تدابروا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا ، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث .

فالتدابر الإعراض وترك الكلام والسلام ونحوه .

وإنما قيل للإعراض تدابر لأن من أبغضته أعرضت عنه ووليته دبرك ; وكذلك يصنع هو بك .

ومن أحببته أقبلت عليه بوجهك وواجهته لتسره ويسرك ; فمعنى التدابر موجود فيمن صعر خده ، [ ص: 66 ] وبه فسر مجاهد الآية .

وقال ابن خويز منداد : قوله : ( ولا تصاعر خدك للناس ) كأنه نهى أن يذل الإنسان نفسه من غير حاجة ; ونحو ذلك روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ليس للإنسان أن يذل نفسه .

الثالثة : قوله تعالى : ولا تمش في الأرض مرحا أي متبخترا متكبرا ، مصدر في موضع الحال ، وقد مضى في ( سبحان ) . وهو النشاط والمشي فرحا في غير شغل وفي غير حاجة .

وأهل هذا الخلق ملازمون للفخر والخيلاء ; فالمرح مختال في مشيته . 

روى يحيى بن جابر الطائي عن ابن عائذ الأزدي عن غضيف بن الحارث قال : أتيت بيت المقدس أنا وعبد الله بن عبيد بن عمير قال : فجلسنا إلى عبد الله بن عمرو بن العاصي فسمعته يقول : إن القبر يكلم العبد إذا وضع فيه فيقول : يابن آدم ما غرك بي ؟ !

 ألم تعلم أني بيت الوحدة ؟ !


 ألم تعلم أني بيت الظلمة ؟ !

 ألم تعلم أني بيت الحق ؟ !

 يابن آدم ما غرك بي ؟ !

لقد كنت تمشي حولي فدادا .

 قال ابن عائذ : قلت لغضيف : ما الفداد يا أبا أسماء ؟

قال : كبعض مشيتك يابن أخي أحيانا . 

قال أبو عبيد : والمعنى ذا مال كثير وذا خيلاء .

وقال صلى الله عليه وسلم :

من جر ثوبه خيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة . 

والفخور : هو الذي يعدد ما أعطي ولا يشكر الله تعالى ; 
قاله مجاهد .

 وفي اللفظة الفخر بالنسب وغير ذلك .

المشاركات الشائعة