وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين

     .. سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر". **** وعن أبي هريرة و أبي سعيد رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إن الله اصطفى من الكلام أربعا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر *** قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بخ بخ لخمس ما أثقلَهن في الميزان: لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، والولد الصالح يُتوفَّى للمرء المسلم فيحتسبه ***

ad

الثلاثاء

القانون التجاري 2


 س1/ الأركان الموضوعية للشركة.

أولاً - تعدد الشركاء :

يجب - كقاعدة عامة - لصحة تأسيس الشركة واستمرارها وجود شريكين على الأقل. أما بالنسبة لشركة المساهمة، فيجب أن يكون عدد الشركاء المؤسسين ثلاثة على الأقل.

وطبقاً لأحكام قانون الشركات رقم 159 لسنة 1981، إذا قل عدد الشركاء عن النصاب القانوني (ثلاثة بالنسبة للشركات المساهمة واثنان بالنسبة لباقي الشركات) تعتبر الشركة منحلة بحكم القانون إن لم تبادر خلال مدة أقصاها ستة أشهر باستكمال هذا النصاب، كما يكون مسئولاً من يبقى من الشركاء في جميع أمواله عن التزامات الشركة خلال هذه المدة (م8/2).

ويقصد بهذا الحكم، تفادي حل الشركة بقوة القانون عند عدم توافر النصاب المطلوب لعدد الشركاء، وذلك بإعطائها مهلة محددة، لا يجوز تجاوزها، لتصحيح أوضاعها واستكمال النصاب، فضلاً عن حماية مصالح الغير المتعامل مع الشركة خلال هذه الفترة (ستة أشهر)، وذلك بتقرير المسئولية الشخصية، غير المحددة لمن يبقى من الشركاء، عن كافة الالتزامات التي تتحمل بها الشركة خلال مدة الستة أشهر التي حددها القانون .

هـذا ، ويجـوز – كقاعـدة - أن يكون الشريك شخصاً طبيعياً أو معنوياً .

أما بالنسبة للشركة ذات المسئولية المحـدودة، ففي ظل القانــون الملغــي (القانون رقم 26 لسنة 1954)، كان ينص على وجوب أن يكون عدد الشركاء فيها ثلاثة على الأقل متى كان بين الشركاء زوجان. وقد ألغى قانون الشركات الجديد هذا الشرط بدوره لأنه لم يكن يتفق وأحكام الشريعة الإسلامية التي تعتبر المرأة كاملة الأهلية سواء قبل الزواج أو بعده.

وبناءً على كل ما سبق، لا يجوز للشخص أن ينشئ شركة بمفرده دون أن يشترك معه آخرون، وعلى خلاف ما تأخذ به بعض التشريعات الأجنبية، كالتشريع الإنجليزي والألماني؛ حيث يجوز للشخص أن يقتطع جزءًا من ذمته ويخصصها لمشروع اقتصادي معين يتخذ شكل شركة، بحيث لا يكون مسئولاً عن ديون المشروع إلا في حدود الذمة المخصصة. ويطلق على هذا النوع من الشركات شركة الرجل الواحد One man's Company.

وكقاعدة عامة، ليس هناك ثمة تحديد لعدد الشركاء في الشركة لا يجوز تجاوزه، إلا أنه، بالنسبة للشركة ذات المسئولية المحدودة، لا يجوز أن يزيد عدد شركائها على خمسين شريكاً (م 4 من القانون رقم 159 لسنة 1981).

ثانياً - تقديم الحصص :

يجب على كل شريك من الشركاء أن يقدم قيمة مالية تمثل مساهمته في رأسمال الشركة، وهو ما يطلق عليه تعبير الحصة Apport. وينتفي عن العقد وصف الشركة إذا لم يتم تقديم الحصص من جانب الشركاء. أما إذا لم يقدم أحدهم فقط الحصة التي التزم بها، مع حصوله على جزء من الأرباح، وتحمله بجزء من الخسارة فلا يعتبر العقد باطلاً، وإنما يعتبر عقد هبة.

الحصة النقدية :

غالباً ما تكون حصة الشريك عبارة عن مبلغ من النقود يجب عليه أن يؤديه في الميعاد المتفق عليه أو الذي يحدده القانون.

وتثير الحصة النقدية بعض الصعوبات، فالأصل العام هو خضوع التزام الشريك بتقديم الحصة لكافة القواعد المتعلقة بتنفيذ الالتزام بأداء مبلغ نقدي.

إلا أن المشرع - رغبة منه في حث الشركاء على الوفاء بحصصهم في الميعاد، وذلك حتى لا يتأثر المركز المالي للشركة، وتتمكن بالتالي من البدء في أعمالها أو مواصلتها - قد وضع استثناءين على هذا الأصل نصت عليهما المادة 510 مدني، التي تقضي بأنه "إذا تعهد الشريك بأن يقدم حصته في الشركة مبلغاً من النقود، ولم يقدم هذا المبلغ لزمته فوائده من وقت استحقاقه من غير حاجة إلى مطالبة قضائية أو إعذار، وذلك دون إخلال بما قد يستحق من تعويض تكميلي عند الاقتضاء". وعلى ذلك، تسري الفوائد عن التأخير في تقديم الحصة من تاريخ استحقاقها، وذلك دون حاجة إلى إنذار أو مطالبة قضائية، على خلاف ما تقضي به القواعد العامة، التي تقضي بوجوب المطالبة القضائية لبدء سريان الفوائد، وهذا هو الاستثناء الأول. أما الاستثناء الثاني، فمقتضاه جواز مطالبة الشريك بتعويض تكميلي حتى ولو لم يكن سيئ النية على خلاف ما تقضي به القاعدة العامة، التي توجب، للمطالبة بالتعويض، أن يثبت الدائن أن المدين قد تسبب بسوء نية في ضرر يجاوز قيمة الفوائد (م 231 مدني).

الحصة العينية:

قد تكون الحصة مالاً آخر غير النقود طالما كانت له قيمة مالية. وأياً كانت طبيعته، عقاراً، كقطعة أرض مثلاً، أو منقولاً مادياً، كالآلات والبضائع، أو منقولاً معنوياً، كبراءة الاختراع والرسوم أو النماذج، كما قد تكون مجرد حق انتفاع بمال من الأموال أو تكون الحصة حقاً للشريك قبل الغير.

وقد تقدم الحصة العينية إما على سبيل التمليك أو على سبيل الانتفاع، وفي الحالة الأولى، يتبع في شأنها أحكام القواعد العامة بشأن عقد البيع، ومقتضى ذلك أنه يجب اتخاذ إجراءات نقل ملكية الحصة إلى الشركة حسب ما يتفق وطبيعتها.

وترتيباً على ذلك، متى قدمت الحصة على سبيل الملكية، أصبحت الشركة هي المالكة لها، وكان لها بالتالي حق التصرف فيها بكافة أنواع التصرفات القانونية، كما يكون لدائنيها أن ينفذوا عليها باعتبارها جزءاً من ذمة الشركة. أما الشريك، فيفقد أي حق عليها، وبالتالي لا يكون له الحق في استردادها عند انقضاء الشركة.

أما في الحالة الثانية، إذا ما قدمت الحصة على سبيل الانتفاع فقط فإنه يسري في شأنها أحكام عقد الإيجار (م 511/2 مدني) ومقتضى ذلك أن الشريك يحتفظ بملكية الحصة، ولا يكون للشركة الحق في التصرف فيها، ويجب عليها إعادتها إلى الشريك عند انقضاء الشركة.

الحصة بالعمل :

قد يساهم الشريك بعمله كحصة في الشركة، والمقصود بالعمل هنا العمل الفني الجاد، كالخبرة الفنية والتجارية، كعمل المهندس أو المحاسب أو الرسام. أما العمل اليدوي التافه، الذي لا قيمــة له فلا يعتبر حصــة في الشركة. وكذلك لا يجوز أن تكون الحصة مجرد نفوذ سياسي أو اجتماعي أو ثقة مالية، وإنما يجوز أن تكون السمعة التجارية مضافاً إليها العمل حصة في الشركة. ويلتزم الشريك بالعمل أن يكرس كل نشاطه ومجهوده للشركة؛ فيمتنع عن القيام بنفس نوع العمل الملتزم بتقديمه؛ لما ينطوي عليه ذلك من منافسة للشركة يتعارض ومقتضى حسن النية الواجب توافره بين الشركاء.

ويعتبر التزام الشريك بالعمل التزاماً مستمراً، يتم تنفيذه يوماً بيوم؛ وعلى ذلك فهو الذي يتحمل مخاطر تبعة الهلاك؛ بمعنى أنه إذا توقف عن تقديم حصته (أي القيام بالعمل الذي تعهد به) انحلت الشركة بالنسبة له، ولا يشارك بالتالي في أرباح الشركة.

تقويم الحصص:

يتم كقاعدة، تقويم كل من الحصة العينية، والحصة بالعمل بالاتفاق بين الشركاء عند التعاقد.

وقد حرص المشرع على وضع قواعد خاصة لتقويم الحصص العينية في نطاق شركات المساهمة والشركات ذات المسئولية المحدودة، على ما سنرى. وسبب ذلك هو الحد من المغالاة في تقدير الحصص حماية للدائنين، ولأصحاب الحصص النقدية. وتخضع الحصة بالعمل بدورها للتقدير، وغالباً ما يتم التقدير باتفاق الشركاء، فإذا سكت الشركاء عن التقويم، فإنها تقدر على أساس ما تفيده الشركة من هذا العمل (م 514/3 مدني).

فإذا لم يتم تقويم الحصص على هذا النحو , افترض أنها متساوية في القيمة وإن كان يجوز إثبات العكس (م 598 مدني).

رأسمال الشركة وموجوداتها :

يتكون رأسمال الشركة من مجموع الحصص العينية والنقدية التي يقدمها الشركاء عند تكوينها. أما حصص العمل، فبالنظر إلى عدم إمكان التنفيذ عليها، فإنها تخرج عن تكوين رأس المال.

والواقع أن الشركة عند إنشائها، لا تكون مالكة إلا تلك الأموال المكونة لرأس المال، ولكنها ما إن تبدأ نشاطها حتى تكتسب أموالاً أخرى، وتحقق أرباحاً تحتفظ بجزء منها كأموال احتياطية أو تستثمرها في تأسيس شركات أخرى. ويتكون من مجموع هذه العناصر، بما في ذلك رأس المال ما يعبر عنه بموجــودات الشـركة أو أموالهـا، وهي تعـتبر الضمـان الحقيقي للدائنين؛ لذلك لا يعتبر رأسمال الشركة وحده المؤشر المعبر عن المركز المالي الحقيقي لها.

مبدأ ثبات رأس المال :

يعتبر رأسمال الشركة هو الحد الأدنى لضمان الدائنين، ولذلك لا يجوز للشركاء - كقاعدة - استرداد ما قدموه من أنصبة واقتسام رأس المال، بل يجب عليهم الاحتفاظ دائماً بموجودات للشركة لا تقل قيمتها عن قيمة رأس المال الذي بدأت به، وهذا ما يعرف بمبدأ ثبات رأس المال وعدم جواز المساس به.

وتطبيقاً للمبدأ المتقدم، يجوز لدائني الشركة مطالبة الشركاء مباشرة بالوفاء بحصصهم، كما يمتنع توزيع أرباح تقتطع من رأس المال، وإلا اعتبرت أرباحاً صورية، للدائن حق استردادها.

هذا، وتختلف أهمية رأس المال بالنسبة للدائن تبعاً لنوع الشركة؛ ففي شركات التضامن والتوصية، يمثل رأس المال أهمية محدودة، نظراً للمسئولية الشخصية والتضامنية للشركاء المتضامنين . أما في خصوص الشركات المساهمة، والشركات ذات المسئولية المحدودة، فيعتبر رأس المال، الضمان الحقيقي للدائن؛ حيث المسئولية المحدودة للشركاء. ولذلك، حرص المشرع المصري على وضع حد معين لرأسمال هذه الشركات لا يجوز النزول عنه، مستهدفاً بذلك حماية المدخرين وتوفير الضمان الكافي لهم.

ثالثاً - نية الاشتراك :

لم يشر نص المادة 505 مدني إلى وجوب توافر نية الاشتراك لدى الشركاء، ومع ذلك فمن المتفق عليه وجوب توافر هذا العنصر النفسي لدى جميع الشركاء وإلا ما كان هناك وجود للشركة أصلاً.

وليس هناك تعريف محدد لنية الاشتراك. ويذهب الاتجاه الحديث إلى أن المقصود بنية المشاركة هو رغبة الشركاء في الاتحاد وقبول المخاطر المشتركة؛ بمعنى أن تتجه إرادة كل من الشركاء إلى العمل على نجاح الشركة وازدهارها، وذلك بتقديم الحصة التي تعهد بها واقتسام الأرباح التي تحققها الشركة والخسائر التي قد تلحق بها. ولقاضي الموضوع سلطة تقدير توافر نية الاشتراك من عدمــه، دون رقــابة عليه في ذلك من محكمة النقض. وهو غالباً ما يلجأ إلى وسائل مادية محسوسة تكشف هذه النية؛ فالاتفاق على توزيع الأرباح والخسائر يعتبر دليلاً على توافر نية المشاركة، فإذا أدرج شرط في العقد يعفي الشريك من تحمل أي خسارة أو أن يسترد حصته سالمة من كل خسارة، فإن ذلك يدل على انتفاء نية المشاركة.

رابعاً - اقتسام الأرباح والخسائر :

الهدف من الشركة هو تحقيق الأرباح، كما أنه يجب - كقاعدة - أن يشترك جميع الشركاء في توزيع هذه الأرباح.

ويذهب الرأي الراجح فقهاً إلى أن المقصود بالربح هو الربح النقدي أو المادي الذي يضيف إلى ثروات الأعضاء، فلا يكفي أن يكون من طبيعة سلبية، يقتصر على تخفيف بعض الأعباء أو رفع الضرر عن الأعضاء، بل يجب أن يزيد من ثروة الأعضاء؛ بمعنى أنه يجب أن يكون كسباً إيجابياً، ولا يشترط أن يكون من طبيعة نقدية.

والأصل أن يتم توزيع الأرباح عند حل وتصفية الشركة، إلا أنه قد جرى العمل على النص في عقد الشركة على توزيع الأرباح عند نهاية كل سنة مالية في مواعيد دورية. ولقد ألزم القانون التاجر (سواء أكان فرداً أم شركة) بعمل جرد سنوي لمعرفة الأصول والخصوم حتى يظهر المبلغ الصافي الذي يوزع كربح على الشركاء.

ويعتبر ربحاً بالمعنى الدقيق، ومن ثم يجوز توزيعه على الشركاء، الزيادة في الأصول على الخصوم وفقاً لقائمة الجرد، أما إذا أظهر الجرد عكس ذلك، فمعنى ذلك تحقق الخسارة. وفي هذا الفرض يمتنع توزيع أي أرباح حتى يتم إعادة رأس المال إلى حالته الأولى. ومتى تم توزيع الربح في إحدى السنوات توزيعاً صحيحاً فلا يجوز استرداده من الشركاء حتى ولو لحقت الشركة خسائر فيما بعد؛ إذ تعتبر كل سنة مالية وحدة بذاتها مستقلة عن الأخرى.

اقتسام الأرباح والخسائر:

لا يكفي لصحة تكوين الشركة، أن يكون غرضها هو تحقيق الأرباح بمعناه المحدد فيما سبق، بل يجب أيضاً أن يشترك جميع الشركاء في توزيع الأرباح، وأن يتحمل الجميع الخسائر التي قد تلحق الشركة (م 505 مدني).

ويحرص الشركاء عادة على الاتفاق صراحة في عقد الشركة على القواعد التي تنظم كيفية توزيع الأرباح والخسائر. والأصل أن الشركاء أحرار في تحديد نصيب كل منهم في الربح والخسارة؛ فيجوز الاتفاق على أن يتم التوزيع على أساس حصة كل منهم في رأسمال الشركة، أو على إضافة الأرباح التي تحققها الشركة إلى رأس المال، أو أن يتم التوزيع على أساس المساواة فيما بينهم في الربح والخسارة.

إلا أن حرية الشركاء في هذا المجال، وإن كانت واسعة إلى حد كبير، فهي غير مطلقة، بل يرد عليها مجموعة معينة من القيود اقتضتها طبيعة عقد الشركة نفسه، فلا يجوز - كقاعدة عامة - حرمان أحد الشركاء من الأرباح، أو تحديد نصيبه فيها بمبلغ زهيد تافه يخفي حرمانه من الاشتراك في الأرباح. وعلى العكس، تعتبر صحيحة كافة الشروط الأخرى التي تقضي بتحديد نصيب الشريك في الربح بنسبة تختلف عن نسبة حصته في رأسمال الشركة، أو التي تعلق حق الشريك في الحصول على الأرباح على تحقيق حد أدنى من الربح الإجمالي.

كذلك، ومن ناحية أخرى، لا يجوز - كقاعدة - الاتفاق على إعفاء الشريك من المساهمة في الخسائر التي تلحق الشركة؛ ذلك أن طبيعة عقد الشركة نفسه لا تجيز اشتراك أحد الشركاء في الأرباح دون أن يتحمل شيئاً من الخسائر. ويعتبر مثل هذا الاتفاق باطلاً حتى ولو كان لاحقاً على انعقاد العقد.

شروط الأسد:

يقصد بهذه الشروط تلك التي يكون من شأنها استئثار أو حصول أحد الشركاء أو بعضهم على كافة أرباح الشركة (نصيب الأسد)؛ حيث يترتب على ذلك حرمان باقي الشركاء من الاشتراك في الأرباح. كذلك يعتبر من شروط الأسد، إعفاء أحد الشركاء من الاشتراك في الخسارة، كما لو اشترط أن يسترد رأسماله سالماً من كل خسارة، لأن ذلك معناه في الواقع حرمان أحد الشركاء من الأرباح، في حين أن الأصل في الشركة الربح والخسارة، ويرتبط كل منهما بالآخر. وطبقاً لأحكام القانون المصري، يترتب على توافر شرط الأسد بطلان الشرط، كما أن هذا البطلان يمتد إلى عقد الشركة نفسه، وقد أكدت ذلك المادة 515 من القانون المدني.

ومع ذلك، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة السابقة على أنه يجوز الاتفاق على إعفاء الشريك بالعمل من الاشتراك في الخسائر بشرط ألا يكون قد تقرر له أجر عن عمله.

أما إذا دخل الشريك بالعمل بحصة عينية أو نقدية أو تقرر له أجر عن عمله، فلا يجوز الاتفاق على إعفائه من الخسارة وإلا كان العقد منطوياً على شرط الأسد ومن ثم كان باطلاً.ج

قواعد توزيع الأرباح والخسائر:

غالباً ما يتضمن عقد الشركة القواعد المتعلقة بتوزيع الأرباح والخسائر بين الشركاء. أما إذا خلا من بيان تلك القواعد، فقد تكفل القانون المدني (م 514) بوضع أحكام هذا التوزيع، وهي القواعد الآتية:

1- إذا لم يعين عقد الشركة نصيب كل من الشركاء في الأرباح والخسائر كان نصيب كل منهم في ذلك بنسبة حصته في رأس المال.

2- إذا اقتصر العقد على تعيين نصيب الشركاء في الربح، وجب اعتبار هذا النصيب في الخسارة أيضاً، وكذلك الحال إذا اقتصر العقد على تعيين النصيب في الخسارة دون الربح.

3- إذا كانت حصة أحد الشركاء مقصورة على عمله وجب أن يقدر نصيبه في الربح والخسارة تبعاً لما تفيده الشركة من هذا العمل. فإذا قدم فوق عمله نقوداً أو أي شيء آخر، كان له نصيب عن العمل، وآخر عما قدمه من حصة نقدية أو عينية. ويجوز للشريك في هذه الحالة أن يتفق مع بقية الشركاء على إعفاء حصته المالية من أي خسارة.

هذا، وفي خصوص الشركات التي ينظمها قانون الشركات الجديد رقم 159 لسنة 1981، فقد تكفلت اللائحة التنفيذية للقانون بوضع القواعد الخاصة بتحديد الأرباح القابلة للتوزيع "الأرباح الصافية" وكيفية التوزيع وتنفيذه (م 191 – 199)، وهي قواعد آمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها.





































 س2/ أكتب فى نظرية الشركة الفعلية.




منطوق النظرية:

طبقاً لأحكام القواعد العامة (م 142 مدني) متى قضى ببطلان عقد الشركة، سواء أكان البطلان، نسبياً أم مطلقاً، فإنه يجب إعادة الشركاء إلى الحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد؛ إذ يعتبر العقد كأن لم يكن، كما تزول معه كافة الآثار القانونية التي ترتبت عليه، وذلك كله تطبيقاً لمبدأ الأثر الرجعي للبطلان.

إلا أن التطبيق السليم لمبدأ الأثر الرجعي للبطلان على عقد الشركة يؤدي إلى نتائج غير عادلة وغير مرغوب فيها؛ إذ يترتب عليها الإضرار باستقرار المعاملات والمساس بحقوق الغير الذي تعامل مع الشركة وهو مطمئن إلى صحتها استناداً إلى الوضع الظاهر , ولا يمكن إنكار أن الشركة على الرغم من بطلانها، قد وجدت بالفعل ودخلت في معاملات مع الغير رتبت لهم حقوقاً كثيرة، كما أنه لا يمكن أن نزيل آثار هذه المعاملات تبعاً لبطلان الشركة. ولذلك، استقر القضاء على أن بطلان عقد الشركة لا ينتج أثره إلا بالنسبة للمستقبل فقط دون الماضي، بحيث تعتبر الشركة قائمة فعلاً لا قانونًا خلال الفترة بين تأسيسها والحكم ببطلانها، ولذلك تسمى بالشركة الفعلية Société de Fait أو شركة الواقع.

فطبقاً لأحكام القانون (م 207/2 مدني، م 3 من القانون التجاري) بطلان الشركة لعدم كتابة العقد، لا ينتج أثره فيما بين الشركاء أنفسهم إلا من وقت الحكم بالبطلان، بمعنى أن البطلان لا يكون له أثر رجعي، وتعتبر الشركة موجودة فعلاً لا قانوناً في الماضي. كذلك اعتبر القضاء عقد الشركة من قبيل العقود المستمرة التي تنفذ يوماً بيوم، فإذا ما أبطل العقد انسحب أثر البطلان إلى مستقبل الشركة فقط دون ماضيها، بحيث تعتبر موجودة فعلاً في الفترة بين تأسيسها والحكم ببطلانها.

ومن الناحية العملية، اقتضت فكرة حماية الظاهر Apparence واستقرار المراكز القانونية الأخذ بنظرية الشركة الفعلية، ذلك أن الغير قد تعامل مع الشركة على أساس أنها شركة صحيحة، وهذا هو الوضع الظاهر، ومن غير المقبول بعد ذلك مفاجأته ببطلان الشركة لسبب قد يكون مجهولاً له.

حدود النظرية :

من المتفق عليه أنه لا مجال لتطبيق النظرية في جميع الأحوال التي يحكم فيها ببطلان الشركة، وأياً كان السبب الذي يؤسس عليه، بل يتوقف إعمال النظرية من عدمه على سبب البطلان.

ويذهب الرأي الغالب في الفقه إلى أنه متى كان البطلان بطلاناً مطلقاً أو تخلف أحد الأركان الموضوعية الخاصة بعقد الشركة، لا تطبق النظرية، وتعتبر الشــركة غير موجــودة ســواء من الناحية القانونية أو الفعلية، ومن ثم لا يمكن للغير أن يدعي أنه قد تعامل مع الشركة بحسن نية.

أما إذا كان البطلان بطلاناً من نوع خاص مبنياً على أساس تخلف الشروط الشكلية أو نقص أهلية أحد الشركاء في شركات الأشخاص، أو تعيب رضاؤه (وذلك بالنسبة لبقية الشركاء الذين لم يقم بهم سبب البطلان) فتنطبق النظرية، وتعتبر الشركة قائمة فعلاً في الفترة بين تأسيسها والحكم ببطلانها. أما بالنسبة للشريك الذي قام به سبب البطلان، فتعتبر الشركة كأن لم تكن حيث تطبق فكرة الأثر الرجعي للبطلان.

هذا، ومن المتفق عليه أنه يشترط لتطبيق نظرية الشركة الفعلية، أن تكون الشركة قد زاولت بالفعل نشاطها قبل الحكم ببطلانها، واكتسبت نتيجة لذلك حقوقاً أو التزمت بتعهدات. أما إذا لم تكن الشركة قد بدأت نشاطها بعد، انتفت الفائدة من تحوير قواعد البطلان وتطبيق نظرية الشركة الفعلية، ولذلك تطبق في هذه الحالة أحكام القواعد العامة في البطلان.

آثار نظرية الشركة الفعلية :

1- تنحل الشركة وتصفى بصدور حكم البطلان، ولكنها تظل محتفظة بشخصيتها المعنوية حتى انتهاء عمليات التصفية. ومن ثم، يجوز طلب شهر إفلاسها متى توقفت عن دفع ديونها التجارية، كما تتبع في التصفية الأحكام الواردة في عقد الشركة الباطلة؛ وتنظم العلاقة بين الشركاء كما لو كانت الشركة صحيحة في الماضي، وإن كان يجب حلها وتصفيتها في المستقبل.

2- تظل حقوق الشركة وتعهداتها صحيحة وقائمة ومنتجة لكافة آثارها في الفــترة بين تكوينها والحكم ببطلانها، سواء بالنسبة إلى الشركاء أو بالنسبة للغير.

3- تعامل الشركة الفعلية كما لو كانت شركة صحيحة من حيث تطبيق أحكام القوانين الضرائبية؛ فتخضع الشركة لضريبة الأرباح التجارية والصناعية كما يخضع الشركاء لنفس هذه الضريبة.

4- يجوز إثبات الشركة بكافة طــرق الإثبــات بما في ذلك البينة والقــرائن.













 س3/ ميز ما بين الشركة المدنية و الشركة التجارية مبينا أهمية التمييز.

1- معيار التمييز :

من المتفق عليه أن ضابط التمييز بين الشركة المدنية وتلك التجارية هو نفس الضابط الذي يفرق بين التاجر وغير التاجر، ذلك أن العبرة في ظل التشريع المصري هى بطبيعة النشاط الذي تقوم به الشركة، أي بطبيعة موضوع الشركة التي تتخصص في القيام به.

وعلى ذلك، فتعتبر الشركة - كقاعدة عامة - تجارية أو مدنية تبعاً لغرضها، فهي تعتبر تجارية متى كان غرضها القيام بعمل من الأعمال التي نصت عليها المادتان الرابعـة أو الخامسة من القانون التجاري الجـديد ( لسنة 1999) ، مثل عمليات البنوك والتأمين والنقل بأنواعه المختلفة (بري، نهري، بحري أو جوي). وعلى العكس تعتبر الشركة مدنية متى كان غرضها لا يندرج ضمن الأعمال التي تعتبر تجارية قانوناً أو التي لا يمكن قياسها عليها (م 7 من قانون التجارة الجديد). كما هو الحال بالنسبة للشركات المهنية التي يؤلفها المهندسون أو المحامون لممارسة نشاطهم المهني. فالشركة والحال كذلك تعتبر تجارية متى تخصصت في القيام بأعمال تجارية، دون اعتداد بصفة الشركاء فيها، ولو كان كلهم أو بعضهم غير تجار. والعكس صحيح، فالشركة تعتبر مدنية تبعاً لغرضها ولو كان جميع الشركاء أو أغلبهم من التجار. ولقاضي الموضوع سلطة تحديد طبيعة الشركة من حيث كونها تجارية أو مدنية. كما يكون لمحكمة النقض سلطة مراقبته فيما انتهى إليه وتكييف الشركة بأنها تجارية أو مدنية وفقاً لطبيعة النشاط الذي تقوم به.

وفي الحالة التي تباشر فيها الشركة نشاطاً مدنياً وتجارياً في نفس الوقت فتعتبر شركة تجارية متى كان غرضها الرئيسي تجارياً، والعكس صحيح أيضاً ؛ بمعنى أن الشركة تعتبر مدنية متى كان لنشاطها التجاري أهمية ثانوية بالنسبة لنشاطها المدني.

كذلك، تعتبر الشركة تجارية متى كان نشاطها التجاري مستقلاً عن نشاطها المدني . كما أنه يكفي لاعتبار الشركة تجارية أن ينص في عقد تأسيسها على أن غرضها "تجاري"، حتى ولو لم تمارس فعلاً هذا النشاط.

ولا شك في أن تحديد الطابع التجاري أو المدني بالنسبة للشركة يعد أمراً أكثر سهولة منه بالنسبة للشخص الطبيعي، حيث ينص في عقد تكوينها على نوع النشاط الذي تقوم به، ومع ذلك، تعتبر الشركة تجارية، متى قامت بنشاط تجاري، على نحو مستمر منظم، حتى ولو كان عقد تأسيسها لا يتضمن قيامها بمثل هذا النشاط، لأن الاحتراف الفعلي لا يمكن التغاضي عنه، أما إذا قامت الشركة ببعض الأعمال التجارية المتفرقة، فإن ذلك لا يؤثر على طبيعتها المدنية. وهذا المعيار الموضوعي، هو المعيار الذي كان متبعاً في فرنسا منذ القدم.

هذا، وقد حذا قانون التجارة الجديد حذو التشريع الفرنسي، وأخذ بالمعيار الشكلي لتحديد طبيعة الشركة، ووفقاً لأحكامه (م 10/2 من القانون) تعتبر تجارية، كل شركة تتخذ أحد الأشكال المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بالشركات أياً كان الغرض الذي أنشئت الشركة من أجله.

وبناء على كل ما سبق ؛ نجد أن الشركة وفقاً لأحكام القانون المصري تعتبر تجارية تبعاً لغرضها أو شكلها على التفصيل السابق بيانه.

2- أهمية التمييز بين الشركة المدنية والشركة التجارية:

يمثل تحديد طبيعة الشركة ، جانباً كبيراً من الأهمية، وذلك بالنظر إلى اختلاف الأحكام التي تخضع لها كل من الشركات التجارية والمدنية؛ فالشركة التجارية تخضع أساساً لأحكام القانون التجاري (المواد من 19 – 65) وقانون الشركات رقم 159 لسنة 81، فضلاً عن أحكام القانون المدني باعتبارها قواعد عامة، أما الشركات المدنية فهي تخضع كقاعدة لأحكام القانون المدني بشأن عقد الشركة (المواد من 506 – 537).

وعلى ذلك، تبدو أهمية التفرقة بين الشركة المدنية وتلك التجارية في النقاط الآتية:

1- تكتسب الشركات التجارية وحدها صفة التاجر، وتلتزم بالقيام بالواجبات المفروضة على التجار؛ فتلتزم بمسك الدفاتر التجارية وبالقيد في السجل التجاري.

ومع ذلك، فطبقاً لأحكام قانون السجل التجاري رقم 34 لسنة 1976 تلتزم كافة الشركات، أياً كان شكلها القانوني، وأياً كانت طبيعتها، مدنية أو تجارية بالقيد في السجل التجاري.

2- تخضع الشركات التجارية دون المدنية لنظام شهر الإفلاس إذا ما توقفت عن دفع ديونها التجارية.

3- القاعدة في الشركات المدنية هي مسئولية الشركاء عن ديون الشركة في أموالهم الخاصة، كل منهم بنسبة نصيبه في خسائر الشركة ما لم يوجد اتفاق على نسبة أخرى. وعلى ذلك – تعتبر مسئولية الشريك في الشركة المدنية مسئولية شخصية غير محدودة بمقدار حصته، ولكن في جميع أمواله الخاصة – ولا يجوز الاتفاق على تحديد مسئولية الشريك، ويعتبر مثل هذا الاتفاق باطـلاً (م 523 مدني).

كذلك فالأصل، أن مسئولية الشريك عن ديون الشركة مسئولية غير تضامنية إلا إذا اتفق على قيام التضامن فيما بين الشركاء (م 524 مدني). ومع ذلك، متى أعسر أحد الشركاء، تحمل الباقون حصته في الدين، كل منهم بقدر نصيبه في تحمل الخسارة (م 524/2).

أما بالنسبة للشركات التجارية، فتتحدد مسئولية الشريك تبعاً لنوع الشركة ومركزه فيها؛ فتكون مسئولية الشريك المتضامن في شركة التضامن وشركة التوصية بنوعيها البسيطة والتوصية بالأسهم، مسئولية شخصية وتضامنية أي إنه مسئول عن ديون الشركة في أمواله الخاصة، فضلاً عن قيام التضامن فيما بين الشركاء، وقيامه أيضاً بينهم وبين الشركة.

أما الشريك الموصي في شركات التوصية، والمساهم في الشركة المساهمة، وكذلك الشريك في الشركة ذات المسئولية المحدودة، فتكون مسئوليتهم عن ديون الشركة مسئولية محدودة فقط، فهم غير مسئولين عن ديون الشركة إلا في حدود قيمة الحصة التي قدموها في رأس المال، وذلك كله على النحو الذي سنعرض له عند دراسة أنواع الشركات التجارية فيما بعد.

4- تختلف مدة التقادم كقاعدة عامة بحسب طبيعة الشركة، فبالنسبة للشركات التجارية، تتقادم دعاوى رجوع الغير على الشركاء بمضي خمس سنوات تبدأ من تاريخ انتهاء المدة المحددة للشركة أو من تاريخ فسخ عقد الشركة على حسب الأحوال، أما بالنسبة للشركات المدنية، فتتقادم هذه الدعاوى بمضي خمس عشرة سنة طبقاً لأحكام القواعد العامة في التقادم (م 374 مدني).

5- تخضع الشركات التجارية لإجراءات الشهر والعلانية التي نظمها التقنين التجاري وقانون الشركات رقم 159 لسنة 81، أما الشركات المدنية، فقد ذهـب الرأي الغالب، إلى أن هذه الشـركات، وعلى خلاف الشركات التجارية، لا تخضع لأية إجراءات شهر خاصة.

إلا أننا نرى مع رأي آخر، أنه ليس هناك اختلاف بين الشركة التجارية والشركة المدنية من هذه الناحية، فكلتاهما تخضع لإجراءات الشهر.




























س4/ ميز ما بين الشركة المدنية و الشركة التجارية مبينا أهمية التمييز.




الأسباب العامة للانقضاء

1- انتهاء أجل الشركة:

طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 526 من القانون المدني، تنتهي الشركة بانتهاء الميعاد المعين لها، ومعنى ذلك أن الشركة تنقضي كقاعدة بانقضاء أجلها المعين في عقدها أو في نظامها، وسواء حققت الغرض الذي أنشئت من أجله أم لم تحقق. ومع ذلك، يجوز للشركة الاستمرار في العمل بعد انتهاء مدتها، مع احتفاظها بشخصيتها المعنوية الأولى، متى اتفق الشركاء قبل انتهاء مدة الشركة على مد أجلها. ويشترط لصحة هذا الاتفاق أن يوافق عليه جميع الشركاء، إلا إذا نص عقد الشركة على ما يخالف ذلك، فإذا تم الاتفاق صراحة على الامتداد بعد انتهاء أجل الشركة، فإنها تستمر ولكن باعتبارها شركة جديدة، وذلك لانقضاء شخصية الشركة الأولى بقوة القانون بانقضاء أجلها.

أما إذا استمر الشركاء، رغم انتهاء مدة الشركة في القيام بعمل من نوع الأعمال التي تكونت من أجلها، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 526 مدني على أن تمتد الشركة في هذه الحالة لمدة سنة فسنة وبنفس الشروط.

2- انتهاء العمل الذي تكونت الشركة من أجله:

الهدف من قيام الشركة، تحقيق غرض معين، ولذلك يكون من الطبيعي أن تنحل الشركة متى تم تحقيق هذا الغرض حتى ولو لم يحل بعد الميعاد المحدد لانقضائها. فإذا استمر الشركاء يقومون بعمل من نفس النوع، فإن عقد الشركة يمتد سنة فسنة بنفس الشروط (م 526/2).

وتنشأ أيضاُ في هذا الفرض، شركة جديدة ذات شخصية قانونية جديدة لمدة سنة وبنفس شروط الشركة القديمة، وتعتبر خلفاً لها. ويجوز لدائن الشركاء الاعتراض على امتداد عقد الشركة، ومتى تم ذلك وقف أثر الامتداد في حقه، وتعتبر الشركة منتهية في مواجهة هذا الدائن. أما بالنسبة لباقي الشركاء، فهي تظل قائمة، وتسري نفس هذه القواعد في حالة استحالة قيام الشركة بالعمل الذي قامت من أجله أو تحريمه.

3- هلاك مال الشركة:

طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 527 مدني، تنقضي الشركة بقوة القانون بهلاك جميع مالها، بحيث يستحيل عليها الاستمرار في مباشرة أعمالها، يستوي في ذلك أن يكون الهلاك مادياً، كما لو هلك مال الشركة بسبب حريق أو غرق أو زلزال مثلاً أو معنوياً، كما في حالة استحالة استعمال أموال الشركة الاستعمال المقصود بسبب سحب الامتياز الممنوح لها، مما يؤدي إلى انقضاء الشركة. كما تنقضي الشركة، متى كان الجزء الباقي بعد الهلاك لا يكفي للقيام بعمل نافع من الأعمال التي تدخل في غرض الشركة، أي بأن يكون الجزء الهالك من شأنه عدم تمكين الشركة من مواصلة أعمالها , ولا يمكن تجديده من احتياطي الشركة. وللمحكمة حرية تقدير ذلك ؛ على أنه غالباً ما ينص عقد الشركة على نسبة الهلاك التي توجب حل الشركة.

هذا، ويلاحظ أن هذا السبب لانقضاء الشركات قد فقد أهميته العملية إلى حد كبير، نتيجة لانتشار نظام التأمين؛ فإذا كانت الشركة قد أمنَّت على موجوداتها وهو الوضع الغالب، وكان مبلغ التأمين كافياً لاستمرار الشركة في تحقيق غرضها، فإنها في هذا الفرض لا تنقضي.

4- إجماع الشركاء على حل الشركة:

من الأمور المسلم بها، انقضاء الشركة بإجماع الشركاء على حلها قبل انتهاء الميعاد المحدد لها، على أنه يجوز النص في عقد الشركة على تحديد أغلبية معينة، يكون لها حق تقرير إنهاء الشركة قبل الميعاد المحدد. فإذا اتفق رأي الأغلبية المطلوبة على الحل، يكون هذا الاتفاق صحيحاً، منتجاً لأثره القانوني من حيث انقضاء الشركة، بشرط أن تكون قادرة على الوفاء بالتزاماتها، أما إذا كانت في حالة توقف عن الدفع، فلا يعتد به، ولا يترتب عليه أثره.

5- اجتماع الحصص في يد شريك واحد :

لم يشر القانون المدني، إلى هذا السبب، ضمن الأسباب التي أوردها لانقضاء الشركات. ومع ذلك، يجمع الفقه على اعتبار اجتماع الحصص في يد شريك واحد، أحد الأسباب الهامة لانقضاء الشركة، تأسيساً على أن العقد، وهو السند المنشئ للشخصية المعنوية لا يمكن أن يقوم على طرف واحد فقط. كما أن عقد الشركة يفترض وجود شريكين على الأقل، فإذا لم يتوافر ذلك، انهار العقد، وانهارت معه كافة الآثار المترتبة عليه، ومن أهمها الشخصية المعنوية للشركة، وفي هذا الفرض يجب حل وتصفية الشركة.

هذا، وطبقاً لأحكام قانون الشركات، يجوز تصحيح وضع الشركات الخاضعة لأحكامه، وهي الشركات المساهمة، وشركات التوصية بالأسهم، والشركات ذات المسئولية المحدودة خلال مدة ستة أشهر من تاريخ اجتماع الحصص أو الأسهم في يد شخص واحد، وتعتبر الشركة منحلة بحكم القانون، إذا لم يستكمل النصاب القانوني لعدد الشركاء بعد انقضاء هذه المدة.

¬6- الحل القضائي :

وفقاً لنص المادة 530 مدني , يجوز لأي من الشركاء أن يطالب بحل الشركة بناء على أسباب قوية تبرر ذلك. وللمحكمة سلطة تقديرية مطلقة في تقرير ما إذا كانت الأسباب المدعاة تنطوي على خطورة تسوغ الحل من عدمه. والأسباب التي تسوغ الحل القضائي متعددة، كما أنها قد ترجع إلى خطأ أو تقصير من جانب أحد الشركاء، كامتناعه مثلاً عن تقديم الحصة التي تعهد بها أو الباقي منها للشركة في الميعاد المتفق عليه، أو ارتكابه أعمالاً من شأنها إضعاف الثقة في الشركة، وكإهمال المدير رعاية مصالح الشركة.

وفي مثل هذه الحالات يكون لباقي الشركاء حق المطالبة بانقضاء الشركة، فضلاً عن حقهم في مطالبة الشريك المهمل أو المخطئ بالتعويض عن الأضرار التي لحقتهم نتيجة حل الشركة، ويطبق في هذا الشأن أحكام القواعد العامة. أما الشريك المهمل، فليس له حق المطالبة بحل الشركة عملاً بالقاعدة الأصولية التي تقضي بأنه : " لا يجوز للشخص أن يستفيد من إهماله أو خطئه ".

أما إذا كان سبب الانقضاء لا يرجع إلى خطأ من جانب أحد الشركاء، كما لو كان السبب انعدام الأرباح، أو تحقق خسائر متوالية للشركة، أو امتناع أو عجز الشريك بالعمل عن القيام بالأعمال التي تعهد بتقديمها للشركة، فإنه في هذه الأحوال يجوز لكافة الشركاء بما فيهم الشريك الذي قام في شأنه سبب الانقضاء، الحق في المطالبة بحل الشركة. ويعتبر حق الشريك في طلب الحل القضائي من النظام العام، لا يجوز، ويعتبر باطلاً النص في عقد الشركة على حرمانه من مباشرته. ومن المتفق عليه، أن للشريك وحده، دون دائنه الحق في المطالبة بحل الشركة قضاءً، باعتباره حقًا شخصيًا للشريك.

7- الاندماج :

كذلك تنقضي الشركة باندماج شركتين أو أكثر بعضهما في البعض الآخر. ويتم الاندماج بمقتضى عقد يبرم بين الشركات الراغبة في الاندماج، ويترتب عليه اتحاد ذمتهما المالية بحيث يجتمع جميع الشركاء. ويتخذ الاندماج إحدى صورتين:

الأولى : الاندماج بطريق الضم: ومقتضاه أن تندمج شركة في شركة أخرى. مما يؤدي إلى فناء الشركة المندمجة وزوال شخصيتها المعنوية وبقاء شخصية الشركة الدامجة، بما يترتب على ذلك من آثار تتمثل في انتقال حقوق والتزامات الشركة المندمجة إلى الشركة الدامجة، بحيث تكون هذه الأخيرة هي المسئولة عن كافة الديون المستحقة على الشركتين، المندمجة والدامجة في نفس الوقت. فهي تحل حلولاً قانونياً محل الشركة المندمجة فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات.

الثانية : الاندماج بطريق المزج : ويتحقق الاندماج بحل جميع الشركات المندمجة، وفناء شخصيتها المعنوية، ونشأة شركة جديدة، مع انتقال حقوق والتزامات الشركات المندمجة إلى هذه الشركة الجديدة.

وغالباً ما يقع الاندماج بين الشركات المساهمة، ولذلك فقد صدر القانون رقم 244 لسنة 1960 بشأن الاندماج في شركة المساهمة؛ وطبقاً لأحكامه تعتبر الشركة الدامجة خلفاً عاماً للشركة المندمجة. وقد نظم القانون رقم 159 لسنة 81، اندماج الشركات بصفة عامة سواء تم الاندماج بين شركات المساهمة، أو بين غيرها من أنواع الشركات، وسواء أكانت الشركات من شركات الأشخاص أم من شركات الأموال، وسواء أكانت الشركة مصرية أم أجنبية تزاول نشاطها الرئيسي في مصر.(المادة 130/1 من القانون المشار إليه). كذلك، يجوز أن يتم اندماج الشركات الأجنبية متى كانت تزاول نشاطها الرئيسي في مصر في الشركات المساهمة المصرية أو مع هذه الشركات وتكوين شركة مصرية جــديدة (م 88 من اللائحة التنفيذية للقانون السابق).

أسباب الانقضاء الخاصة بشركات الأشخاص

1- وفاة أحد الشركاء:

تنقضي الشركة كقاعدة عامة، بحكم القانون إذا ما توفي أحد شركائها، سواء أكانت الشركة معينة المدة أم غير معينة، وسواء أكان الشريك المتوفى متضامناً أم موصياً. ولا يجوز أن يحل ورثة الشريك المتوفى محله في الشركة، نظراً لأهمية شخصية الشريك بالنسبة لباقي الشركاء، الذين لم يوافقوا على التعاقد وإنشاء الشركة إلا بالنظر إلى ما يتمتع به من صفات قد لا تتوافر في ورثته.

ونظراً إلى أن انقضاء الشركة بسبب وفاة أحد الشركاء لا يتعلق بالنظام العام، فإنه يجوز للشركاء الاتفاق على استبعاده محافظة على بقاء الشركة واستمرارها؛ فيجوز أن ينص عقد الشركة على أنه في حالة وفاة أحد الشركاء تستمر الشركة مع ورثة الشريك المتوفى (م 528/5 مدني). ويعتبر هذا الاتفاق صحيحاً ولو كان بين الورثة قصَّر، على أنه يشترط لاستمرار الشركة في هذا الفرض أن يتم الاتفاق على استمرارها مع الورثة بين الشركاء الأصليين أنفسهم وقبل واقعة الوفاة؛ أما إذا تم الاتفاق بعد تحقق واقعة الوفاة بين الورثة وباقي الشركاء الأحياء (الأصليين) فإنه لا يحول دون انقضاء الشركة.

وإذا كان الشريك المتوفى شريكاً متضامناً، فلا يجوز أن يحل ورثته القصر محله، ولذلك يحرص الشركاء على النص في عقد شركة التضامن على أنه في حالة وفاة أحد الشركاء المتضامنين يتحول ورثته إلى شركاء موصين.

2- الحجر على أحد الشركاء أو إفلاسه أو إعساره:

تنقضي الشركة بقوة القانون، متى حجر على أحد الشركاء أو في حالة إفلاسه أو إعساره (م 528/1 مدني) ؛ لأن هذه الأمور من شأنها انهيار الثقة المتبادلة بين الشركاء، وهي أساس تكوين الشركة، ولذلك تنقضي الشركة بحكم القانون نتيجة لذلك، ولا يجوز أن يحل القيم أو السنديك محل الشريك المفلس أو المعسر أو المحجور عليه، نظراً للاعتبار الشخصي الذي تقوم الشركة على أساسه. إلا أنه يجوز الاتفاق فيما بين الشركاء على استمرار الشركة فيما بينهم رغم إفلاس أو إعسار أو الحجر على أحد الشركاء بشرط أن يرد مثل هذا الاتفاق في عقد الشركة وقبل وقوع أي من هذه الأمور، كما يجب تحديد قيمة حصة الشريك الذي يخرج من الشركة في نفس يوم خروجه منها سبب أي من هذه الأسباب.

3- انسحاب الشريك من الشركة:

طبقاً لأحكام القواعد العامة : " يجوز لكل من المتعاقدين، متى كانت مدة العقد غير معينة، أن يضع حداً لعلاقته مع الطرف الآخر".

وتطبيقاً لذلك، نصت المادة 529 من القانون المدني على أن : " تنقضي الشركة بانسحاب أحد الشركاء إذا كانت مدتها غير معينة"، ويقوم هذا الحكم على أساس أنه لا يجوز تقييد حرية الشريك إلى أجل غير محدد المدة لتعارض ذلك مع الحرية الشخصية التي تعتبر من النظام العام. وللشريك بناء على ذلك، الحق في الانسحاب من الشركة غير محددة المدة بإرادته المنفردة، كما يكون له هذا الحق متى كانت مدة الشركة طويلة بحيث تستغرق حياة الشريك دون أن تنقضي.

إلا أن حق الشريك في مباشرته حق الانسحاب ليس مطلقاً، بل إن عليه قيودًا مقصود بها حماية الشركاء بإعطائهم الفرصة لتدبير أمرهم. وطبقاً لنص المادة 529 من القانون المدني، يشترط لصحة الانسحاب مراعاة الشروط التي نص عليها القانون؛ فيجب على الشريك إعلان رغبته في الانسحاب بأية وسيلة ولو شفاهة إلى جميع شركائه قبل حصول الانسحاب فعلاً، فضلاً عن وجوب وقوع الانسحاب بحسن نية وفي وقت لائق، فلا يجوز أن يكون مبنياً على الغش وفي وقت يسبب أضراراً تنعكس على الشركة. هذا، ويجوز الاتفاق في عقد الشركة على أنه في حالة انسحاب أحد الشركاء تستمر الشركة بقوة القانون بين الباقين، وللشريك المنسحب الحق في نصيب من أموال الشركة يقدر بحسب قيمتـه في تاريـخ الانسحاب. أما فيما يستجد من حقوق مالية بعد هذا التاريخ، فلا يكون له نصيب فيها إلا بقدر ما تكون ناتجة عن عمليات سابقة على تاريخ الانسحاب.




4- خروج الشريك من الشركة :

لا يجوز للشريك كقاعدة في نطاق الشركات المحددة المدة أن يخرج منها، بل يلتزم بالبقاء فيها حتى تنتهي المدة المحددة في العقد، وذلك تطبيقاً للقاعدة الأصولية التي تقضي بأن : "العقد شريعة المتعاقدين وأنه لا يجوز تعديله أو فسخه بالإرادة المنفردة"، وإنما يجب أن يتم ذلك باتفاق الطرفين، أو بناء على الأسباب التي يقررها القانون (م 531 مدني) .

ومع ذلك، يجوز للشريك أن يطلب إخراجه من الشركة لأسباب معقولة تبرر ذلك (م 531/2)، كما لو استحكم الخلاف بينه وباقي الشركاء، أو بسبب الظروف المحيطة به، كحالته المرضية مثلاً أو احتياجه الشديد للحصة المقدمة في الشركة.

ومتى استجابت المحكمة لطلب الشريك، ترتب على ذلك انقضاء الشركة، إلا إذا اتفق باقي الشركاء على استمرارها فيما بينهم. ولا يشترط أن يتم مثل هذا الاتفاق في نفس عقد الشركة، ويقع غالباً بعد طلب خروج الشريك من الشركة.

5- فصل الشريك :

الأصل أنه لا يجوز للشركاء أو لأغلبيتهم فصل واحد منهم من الشركة، ذلك أن من حقوق الشريك الأساسية البقاء في الشركة لحين انقضاء أجلها.

ومع ذلك، فقد خرج القانون على هذا الأصل وأجاز لكل شريك أن يطلب من القضاء الحكم بفصل شريك آخر لأسباب جدية، تبرر ذلك.

ولما كان هذا الحق ينطوي على جانب كبير من الخطورة فقد أحاطه المشرع بالضمانات التي تسمح بمباشرته في أضيق الحدود؛ فلا يجوز المطالبة بفصل الشريك إلا بناء على الأسباب التي أوردها القانون على سبيل الحصر، في المادة 531/1 منه التي لا تجيز فصل الشريك إلا إذا كان وجوده في الشركة قد أثار اعتراضاً على مد أجلها , أو كانت تصرفاته مما يمكن اعتباره مسوغاً لحل الشركة. ولا يجوز المطالبة بفصل أحد الشركاء إلا بناء على الأسباب السابقة فقط دون غيرها. كما يجب عند مباشرة الدعوى إدخال باقي الشركاء، ذلك أن موضوع الطلب هو تعديل كيان الشخص المعنوي، وهو أمر يهم كافة الشركاء وليس مجرد الشريك الذي يرفع دعوى المطالبة بالفصل.

ولا يترتب على الحكم الصادر بفصل الشريك انقضاء الشركة، بل تظل الشركة مستمرة بين باقي الشركاء (م 531/1 مدني). كما تقدر حصة الشريك المفصول بحسب قيمتها وقت الحكم بالفصل وتدفع له نقداً.







 س5/ اكتب فى المركز القانونى للشريك المتضامن.




المركـز القانونـى للشركـاء

أولاً - صفة التاجر:

جميع الشركاء فى شركات التضامن التجارية يتمتعون بصفة التاجر، وقد سبق أن أشرنا إلى أن شركة التضامن قد تكون تجارية وهو الأصل، أو مدنية. وهى تعتبر تجارية متى كان غرضها القيام بأعمال من طبيعة تجارية. وترتيباً على ذلك ، فهى تكتسب الصفة التجارية، كما أنها تلتزم بكافة الالتزامات المفروضة على التجار، بما يتفق وطبيعتها كشخصية معنوية؛ فهى تلتزم بالقيد فى السجل التجارى ومسك الدفاتر التجارية، إلا أن هذه الصفة لا تقتصر على الشركة ، بل إنها تنسحب فتشمل الشركاء أيضاً، فالشركاء فى شركة التضامن التجارية يعتبرون تجاراً بحكم القانون، فإذا لم تكن لهم هذه الصفة من قبل، فإنهم يكتسبونـها بمجـرد دخولهـم الشـركة وإبرام العقد، ولا يؤثر فى ذلك أنهم لا يشتركون جميعاً فى إدارة الشركة.

ويرجع السبب فى ذلك إلى التزام كل من الشركاء المتضامنين بجميع التعهدات والأعمال التى تقوم بها الشركة، ومسئوليتهم الشخصية عن الديون الناتجة عنها، فضلاً عن تضامنهم فى سدادها، بحيث لا يختلف مركز أى من الشركاء المتضامنين عن مركز الشركة؛ فيعتبر الشريك أنه هو الذى قام بهذه الأعمال، ومن ثم يكتسب صفة التاجر بمجرد التوقيع على عقد الشركة، وإلى جانب ذلك، تتعامل الشركة بعنوانها الذى يتضمن بالضرورة أسماء الشركاء المتضامنين كلهم أو ما يفيد ذلك، بحيث تعتبر كافة الأعمال التى تباشرها الشركة وتوقع عليها بعنوانها، أنها صادرة من الشركاء أنفسهم ولحسابهم، بحيث يعتبر الشريك كما لو كان هو الذى باشر التصرف بنفسه على سبيل الاحتراف، ومن ثم يكتسب كل من الشركاء المتضامنين صفة التاجر.

ولما كان الشريك يعتبر تاجراً على النحو السابق، فإنه يجب أن تتوافر فيه الأهلية اللازمة لاحتراف التجارة، وذلك بأن يكون بالغاً من العمر واحدًا وعشرين سنة ميلادية وغير مصاب بأى عارض من عوارض الأهلية، كالعته أو الجنون أو السفه مثلاً. وعلى ذلك، فإنه لا يجوز للقاصر كقاعدة أن يكون شريكاً متضامناً فى إحدى شركات التضامن (أو التوصية البسيطة كما سنرى) إلا أن يكون بالغاً من العمر ثمانى عشرة سنة ميلادية، وحصل على إذن خاص بمباشرة التجارة من المحكمة المختصة.

كذلك، لا يجوز للأشخاص الممنوعين من ممارسة التجارة الدخول كشركاء فى شركات التضامن. إلا أنه من المقرر أن هذا المنع لا يحول دون اكتسابهم صفة التاجر فى حالة مخالفة قواعد وأحكام مهنتهم، وذلك مع تعرضهم للمخالفة التأديبية.

ويلتزم الشريك المتضامن كقاعدة، وذلك نتيجة لاكتسابه صفة التاجر، بكافة الالتزامات المفروضة على التجار.

وفضلاً عن ذلك، إذا ما توقفت الشركة عن دفع ديونها التجارية، وشهر إفلاسها، فإنه يترتب على ذلك بالضرورة شهر إفلاس كافة الشركاء المتضامنين على أساس أن الذمة المالية لكل من الشركاء المتضامنين تضمن الوفاء بديون الشركة، ومتى توقفت الشركة عن الدفع، فمعنى ذلك توقف الشركاء بدورهم عن الدفع، لأنهم مسئولون بالتضامن عن سداد هذه الديون من أموالهم الخاصة، بحيث يشهر إفلاس الشركاء فى نفس الوقت الذى يشهر فيه إفلاس الشركة. إلا أنه لا يجوز شهر إفلاس الشريك المنسحب من الشركة، تبعاً لشهر إفلاس الشركة، طالما تم شهر الانسحاب حتى ولو احتفظ باسمه فى عنوان الشركة. وعلى العكس إذا أشهر إفلاس الشريك، فإنه لا يترتب على ذلك بالضرورة شهر إفلاس الشركة متى كان بقية الشركاء فى حالة يسر La Bonnie قادرين على الوفاء بديون الشركة. ومع ذلك فإن إفلاس الشريك فى ذاته يعتبر أحد أسباب حل الشركة إلا إذا نص فى العقد على خلاف ذلك.

ثانياً - إدخال اسم الشريك فى عنوان الشركة Raison Social :

يقصد بعنوان الشركة، الاسم الذى يتخذه الشخص المعنوى ويظهر به أمام الجمهور، ويتعامل به المدير. والأصل أن يكون لشركة التضامن عنوان مخصوص، يستخدم فى تمييزها عن غيرها من الشركات التى قد تتشابه معها، فضلاً عن إعلام الغير بالأشخاص المسئولين عن كافة ديون الشركة مسئولية شخصية وتضامنية، وتكون أموالهم ضامنة للوفاء بديونهم الشخصية فضلاً عن تلك الديون الخاصة بالشركة.

وإذا كان الأصل أن يكون لشركة التضامن عنوان مخصوص كما هو مستفاد من نص المادة 20 تجارى التى تعرف شركة التضامن بأنها "تلك التى يعقدها اثنان أو أكثر بقصد الاتجار على وجه الشركة بعنوان مخصوص يكون اسماً لها". إلا أن تخلف العنوان لا يؤدى إلى بطلان الشركة، فوجود العنوان إنما يكشف للغير عن وجود الشركة كشخص معنوي، ولكنه لا ينشئه، لأنه لا يعتبر ركناً من أركان الشركة. ويترتب على عدم وجود عنوان لشركة التضامن أن يضطر مدير الشركة أن يوقع على أعمالها بصفته وكيلاً عن الشركاء، أو أن يضطر الشركاء إلى التوقيع بأسمائهم على جميع تعهدات الشركة.

وقد نظم التقنين التجارى فى المادة 21 منه كيفية تكوين العنوان، وفى ذلك تنص على أن "اسم واحد أو أكثر من الشركاء يكون عنواناً لها". وتطبيقاً لذلك، لا يجوز أن يستمد عنوان شركة التضامن من الغرض الذى تقوم به الشركة، ولكنه يجب كقاعدة أن يتكون العنوان من أسماء الشركاء المتضامنين فى الشركة دون غيرهم. ولا يشترط أن يتضمن العنوان أسماء كافة الشركاء، بل يكفى أن يقتصر العنوان على اسم واحد أو أكثر فقط من بين الشركاء مع إضافة كلمة تدل على وجود الشركة. وعادة ما يختار اسم أهم الشركاء فى الشركة من حيث مساهمته فى رأسمالها كعنوان لها، فيقال مثلاً شركة "على وإخوانه" أو شركة "محمد وأولاده". ويجوز، متى كان عدد الشركاء قليلاً، أن يتكون العنوان من أسمائهم جميعاً. أما إذا تكونت الشركة من أفراد عائلة واحدة، فيكفى أن يشمل العنوان لقب العائلة مع إضافة ما يوضح صلة القرابة بينهم، فيقال مثلاً "شركة الغندور إخوان" أو شركة "أولاد الغندور" مثلاً.

هذا، ويجب كقاعدة أن يكون هناك تطابق كامل بين أسماء الشركاء الذين يتضمن العنوان أسماءهم وحقيقة الوضع فى الشركة وهو ما يعبر عنه بقاعدة مطابقة العنوان للحقيقة Vérité de la raison sociale ، وذلك حتى يستطيع الغير معرفة حقيقة صفة الأشخاص الذين يتعامل معهم ويقدم إليهم انتماءه.

وعلى ذلك، فلا يجوز أن يتضمن العنوان اسم شخص غير شريك فيها؛ ذلك أن دخول هذا الاسم فى العنوان يؤدى إلى أن يعتقد الغير أموراً على خلاف الحقيقة، حيث يوحى له ذلك بأن هذا الشخص هو أحد الشركاء فى الشركة، وإنه مسئول عن ديونها مسئولية غير محدودة وتضامنية، ثم يفاجأ بعد ذلك بأنه غير شريك؛ فإذا كان العنوان غير مطابق للحقيقة، كما لو أدرج اسم شخص خيالى مثلاً، أو اسم شخص أجنبى عن الشركة دون علمه أو بعلمه ولكن على الرغم من اعتراضه، وذلك لخلق ائتمان زائف للشركة، فإن هذا العمل يعتبر جريمة نصب من جانب الشركاء، معاقب عليها من الناحية الجنائية (م 336 عقوبات).

أما من الناحية المدنية، فهذا الأجنبى لا يكون مسئولاً عن شيء من التزامات الشركة، بل إنه، إلى جانب ذلك، يكون له الحق فى الرجوع على الشركة لمطالبتها بالتعويض عما أصابه من أضرار نتيجة لدخول اسمه فى العنوان بدون علمه، أو على الرغم من عدم موافقته واعتراضه.

وعلى العكس إذا أدرج اسم الأجنبى فى العنوان بناء على موافقته، أو متى كان يعلم بذلك دون أن يعترض فإنه يجوز اعتباره شريكاً فى جريمة النصب، ويعاقب جنائياً على ذلك (م 336 عقوبات)، كما أنه يجوز مطالبته على سبيل التعويض بكافة ديون الشركة بالتضامن مع بقية الشركاء الحقيقيين.

هذا، ومتى حصل تغيير فى الشركاء المذكورة أسماؤهم فى العنوان، فإنه يجب تعديل العنوان وذلك بحذف اسم الشريك المنسحب أو المتوفى بحيث يتفق العنوان والوضع الجديد للشركاء. كما يجب إجراء هذا الحذف متى أصبح الشريك المتضامن مجرد شريك موصى فى الشركة. ومع ذلك، يجوز للشركاء الاحتفاظ باسم الشريك المتوفى فى عنوان الشركة بشرط أن يوافق ورثته

على ذلك، وفى هذه الحالة يجب إضافة كلمة "خلفاء" قبل العنوان بحيث يقال "خلفاء محمد على وشركاه".

هذا، ويجب على المدير أن يوقع على جميع تعهدات والتزامات الشركة بهذا العنوان حتى تكون الشركة مسئولة عن الآثار المترتبة عليها، ذلك أن توقيع المدير يعتبر بمثابة توقيع صادر عن كل من الشركاء على حدة، أما إذا لم يتم التوقيع بهذا الشكل، فلا تلتزم الشركة إلا إذا تم التوقيع على هذه التعهدات من جانب كل الشركاء.

ثالثاً - عدم جواز انتقال حصة الشريك:

تقوم شركة التضامن على أساس المعرفة بين الشركاء، والثقة الكاملة فيما بينهم، بحيث تكون شخصية الشريك محل اعتبار لدى باقى الشركاء. ولذلك فالأصل أن حصة الشريك فى شركات الأشخاص عموماً، سواء أكان شريكاً متضامناً (أو موصياً) وسواء أكان من المديرين أم من غير المديرين تكون غير قابلة للانتقال أو التنازل إلى الغير؛ وعلى ذلك لا يجوز للشريك المتضامن أن يتنازل عن حصته إلى شخص آخر ويحله محله فى الشركة، سواء تم هذا التنازل بعوض، كما لو تصرف فى الحصة بالبيع، أو بدون عوض، كما لو تم التنازل على سبيل الهبة (أو الوصية)، والسبب فى ذلك هو وضوح وتغلب فكرة العقد ومبدأ سلطان الإرادة فى نطاق هذه الشركات، وإلى أن الاعتبار الأول فيها لشخصية الشريك Intitu Persona؛ فالشركاء لا يقبلون تكوين الشركة إلا على أساس ما يتوافر بينهم من ثقة متبادلة؛ ولذلك، يكون من غير المتصور إجبارهم على قبول شخص أجنبى فيما بينهم، لا تتوافر لديه المقومات التى نشأت على أساسها الشركة. وعلى ذلك، لا يجوز، كقاعدة، لأى من الشركاء أن يتنازل عن حصته وإدخال شخص جديد يحل محله فى الشركة دون الموافقة الإجماعية للشركاء. وتطبيقاً لنفس القاعدة السابقة، ولنفس الأسباب المشار إليها، لا تنتقل حصة الشريك المتضامن بالوفاة إلى ورثته، لأن الشركاء قد يضنون بثقتهم فى الشريك المتوفى على ورثته لأنهم يعتبرون من الأجانب بالنسبة للشركة، ولذلك تنقضى الشركة بقوة القانون فى هذه الحالة (م 528 مدني)، لانهيار الاعتبار الشخصي، ذلك أنه لا يعتبر مجرد شرط لتكوين الشركة، وإنما يعتبر شرطاً لوجودها واستمرارها كذلك. وفى كل ذلك، تختلف شركة الأشخاص عن شركة الأموال؛ حيث لا يعتد فيها بشخصية الشريك، وبالتالى فالقاعدة هى قابلية الأسهم للتنازل عنها، وتداولها بالطرق التجارية، كما سنرى فيما بعد, إلا أن قاعدة عدم قابلية حصة الشريك المتضامن للانتقال والتداول من شخص إلى آخر لا تتعلق بالنظام العام. ومن المتفق عليه أنه يجوز للشركاء سواء فى عقد الشركة أو فى عقد لاحق، التخفيف من حدة هذه القاعدة، بحيث يتم الاتفاق على جواز انتقال حصة الشريك إلى الغير بشروط معينة، فيجوز الاتفاق على اشتراط موافقة نسبة معينة من الشركاء على التنازل، كأغلبية الشركاء مثلاً أو ثلثى الشركاء. أو أن ينص على أن يكون للشركاء حق استرداد الحصة محل التنازل مع دفع ثمنها. كذلك، يجوز أن يتفق الشركاء على أن يكون لهم حق الاعتراض على التنازل خلال فترة معينة. أو الاتفاق على جواز التنازل إلى أشخاص معينة أو إلى أشخاص تتوافر فيهم صفات محددة يتفق عليها. وعلى أية حال، لا يجوز الاتفاق على جواز التنازل عن الحصة للغير بدون أية قيود؛ ذلك أن مثل هذا الاتفاق يتعارض مع طبيعة الحصة ويجعلها فى مقام السهم. كذلك يجوز الاتفاق على عدم حل الشركة فى حالة وفاة أحد الشركاء وعلى استمرارها مع ورثته أو أحدهم والباقين من الشركاء على قيد الحياة.

الرديـف :

الأصل أنه، كما سبق أن أشرنا، لا يجوز للشريك أن يتنازل عن حصته إلى غيره، سواء أكان شريكاً آخر، أم أجنبياً عن الشركة.

ومع ذلك، من الثابت أنه يجوز لأحد الشركاء أن يتفق مع شخص آخر على أن يتقاسم معه الحصة وما ينتج عنها من أرباح وخسائر دون مراعاة شروط جواز التنازل عن الحصة (الموافقة الإجماعية متى كان التنازل غير جائز، أو موافقة أغلبية الشركاء أو غير ذلك من الشروط المتفق عليها فى العقد) ويعتبر هذا الشخص – ويطلق عليه الرديف – مجرد شريك للشريك الأصلى فى الشركة.

وينتج هذا الاتفاق أثره فيما بين الطرفين، وتسوى العلاقة بينهما حسب الشروط الواردة فيه. أما بالنسبة للشركة، فالقاعدة أن الشركة ليس لها رابطة بهذا الرديف، ولا تنشأ بينهما أية علاقة مباشرة، ولها بالتالى أن تتجاهل وجوده؛ ومن ثم لا يكون للرديف فى مواجهة الشركة أى حق من حقوق الشركاء، بمعنى أنه لا يكون له الحق فى مطالبة الشركة بنصيب حصته فى الأرباح، كما يمتنع عليه التدخل فى إدارة الشركة أو الاطلاع على دفاترها ومستنداتها. ومن ناحية أخرى، يمتنع على الشركة مطالبته بنصيبه فى الخسائر أو الديون، بل يظل الشريك الأصلى هو المسئول عنها فى مواجهة الغير، وإذا قام الشريك الأصلى بسداد هذه الديون، يكون له أن يرجع على الرديف ويطالبه بنصيبه فيها.




رابعاً - مسئولية الشركاء الشخصية والتضامنية:

تتميز شركة التضامن بأن الشركاء فيها يكونون مسئولين عن ديونها مسئولية شخصية وتضامنية. وهذه المسئولية هى المشخص الحقيقى لشركة التضامن، كما أنها هى التى تجعل مصير الشركة مرتبطاً بمصير الشركاء برباط وثيق لا ينفصم. ويبدو ذلك بصفة خاصة فى حالة الإفلاس، إذ يؤدى توقف الشركة عن الدفع إلى شهر إفلاسها، مما يستتبع بالضرورة شهر إفلاس جميع الشركاء، لأن توقفها عن الدفع يعنى توقف الشركاء جميعاً عن الدفع، وذلك كنتيجة حتمية لمسئوليتهم عن ديون الشركة بصفة شخصية وتضامنية.

والشركاء – كقاعدة - لا يتحملون إلا بالديون التى تشغل ذمة الشركة، ولو لم يتم التوقيع عليها إلا من أحدهم فقط. إلا أنه يشترط لذلك أن يتم التوقيع على تعهدات الشركة بعنوانها، لأنها – كقاعدة - لا تلتزم إلا بالديون التى تنشأ باسمها ولحسابها.

كذلك، يكون الشركاء المتضامنون مسئولين عن ديون الشركة أياً كان مصدرها (العقد مثلاً وهو الغالب، أو الفعل النافع أو الفعل الضار). فإذا ارتكب مدير الشركة خطأ سبب ضرراً للغير، وحكم على الشركة بالتعويض، فإن مسئولية الشركاء تمتد فتشمل هذا التعويض.

1- المسئولية الشخصية للشريك :

ويقصد بذلك أن الشريك فى شركة التضامن يكون مسئولاً عن ديون الشركة ليس فقط فى حدود الحصة التى قدمها فى رأسمال الشركة وإنما فى أمواله الخاصة، ويعتبر الشريك مسئولاً عن هذه الديون كما لو كانت ديونه الخاصة.

وطبقاً لأحكام القواعد العامة، تعتبر ذمة الشركة وحدها هى الضمان العام للدائنين؛ لأن الشركة تتمتع بشخصية معنوية مستقلة عن الشركاء، وبالتالى يكون لها ذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء، مخصصة للوفاء بديونها، ويكون لدائنى الشركة الحق فى التنفيذ عليها لاستيفاء حقوقهم منها؛ دون مزاحمة دائنى الشركاء الشخصيين. أما فى نطاق شركات التضامن، فإن ضمان دائنى الشركة لا يقتصر على رأسمالها وإنما يمتد إلى ذمم الشركاء جميعاً، حيث تعتبر أموال الشركاء ضماناً إضافياً لدائنى الشركة، وإن كان يزاحمهم فيها الدائنون الشخصيون للشركاء، وذلك كله نظراً إلى أن المشرع قد فرض المسئولية الشخصية والتضامنية للشركاء على كافة ديون الشركة (م 23 تجاري).

2- مسئولية الشريك التضامنية:

علاوة على مسئولية الشركاء الشخصية عن ديون الشركة، فإنهم مسئولون عن هذه الديون على وجه التضامن. وقد نصت صراحة على ذلك المادة 22 من القانون التجاري، وهذا التضامن الذى يقوم بين الشركاء هو تضامن قانوني، كما أنه يتعلق بالنظام العام، فلا يجوز الاتفاق فى عقد الشركة على استبعاده بالنسبة لأحد الشركاء أو بعضهم. فإذا ما اشترط إعفاء أحد الشركاء من التضامن، اعتبر الشرط باطلاً، كأن لم يكن، بحيث يكون للدائن أن يرجع على الشريك على وجه التضامن , إلا أنه يجوز لأحد دائنى الشركة، وتطبيقاً لمبدأ الحرية التعاقدية، أن يتنازل عن ميزة التضامن بالنسبة لإحدى الصفقات التى يبرمها مع الشركة، ذلك أن ميزة التضامن قد تقررت أساساً لتحقيق مصلحة الدائن، ومن ثم يكون له أن يتنازل عنها.

ومن المتفق عليه أن التضامن، يقوم كقاعدة سواء فيما بين الشركاء أو فيما بينهم وبين الشركة، وذلك على الرغم من أن المستفاد من ظاهر نص المادة 23 تجارى أن التضامن يقوم بين الشركاء فقط، فهو لا يمتد إلى الشركاء والشركة. وتعتبر الشركة هى المدينة الأصلية المسئولة عن الديون التى تبرمها، أما الشركاء، فهم لا يعتبرون مدينين متضامنين مع الشركة، وهم يحتلون مركز الكفلاء المتضامنين مع الشركة فى الوفاء بهذه الديون.

وعلى ذلك، يستطيع الدائن حسب اختياره، إما أن يرجع على الشركة لمطالبتها بما عليها من ديون، أو أن يرجع على أحد الشركاء بكل الدين. كذلك يجوز له أن يرجع على كل من الشركة والشركاء فى نفس الوقت ومطالبتهم جميعاً بديون الشركة، وذلك كله تطبيقاً لأحكام القواعد العامة فى التضامن.

فإذا ما رجع الدائن على أحد الشركاء المتضامنين، فإن هذا الأخير بوصفه كفيلاً متضامناً مع الشركة، يمتنع عليه أن يدفع مطالبته بالتجريد أو بالتقسيم؛ فهو لا يستطيع أن يطالب الدائن بوجوب مطالبة الشركة والتنفيذ على أموالها أولاً، فإذا لم تف بالدين، أو لم تكف أموالها بالوفاء به، فَلهُ أن يرجع على الشريك (التجريد). كذلك يمتنع على الشريك أن يدفع مطالبة الدائن له، بتقسيم الدين بينه وبين باقى الشركاء (التقسيم). والشريك المتضامن على هذا النحو لا يملك إلا أن يوفى بديون الشركة.

ومن الملاحظ أن تطبيق هذه القواعد على إطلاقها على الشريك المتضامن تؤدى إلى نتائج غير مقبولة، فضلاً عن أنها قد تؤدى إلى الإضرار بالشريك المتضامن، حيث تتيح لدائنى الشركة فرصة رفع الدعاوى الكيدية ضد الشركاء دون ثمة ضرورة لذلك. ومن هذا المنطلق، فقد ذهب القضاء والفقه الحديث، إلى التخفيف من قسوة آثار التضامن، بحيث لا يجوز لدائن الشركة التنفيذ على أموال الشريك إلا بعد إثبات عجز الشركة أو امتناعها عن الوفاء بالدين، ومقتضى ذلك وجوب توافر شروط معينة لرجوع دائن الشركة مباشرة على أموال الشريك, وهذه الشروط هى :




1- أن يثبت أن الدين خاص بالشركة، بمقتضى حكم صادر فى مواجهة ممثل الشركة (المدير أو المصفي) بصحة الدين وثبوته فى ذمتها – والحكم الصادر ضد الشركة يكون حجة على الشريك، بحيث يجوز تنفيذه على أمواله مباشرة دون حاجة إلى صدور حكم فى مواجهته بالوفاء بديون الشركة.

2- سبق مطالبة الشركة بالوفاء بما عليها من ديون، أى إعذار الشركة بالوفاء بالديون خلال المدة التى يحددها الدائن فى إنذاره , ولا يشترط أن يتخذ الإعذار شكلاً محدداً، فيجوز أن يتم بإنذار على يد محضر أو بتحرير البروتستو، أو بأى إجراء آخر. وإذا لم تف الشركة بالديون خلال هذه المدة، كان للدائن أن يرجع على أموال الشركة أو أموال الشريك.

وهذا القضاء، لا يستند إلى النصوص القانونية، ولكنه يستند إلى العرف التجارى وقواعد العدالة، للتيسير على الشركاء المتضامنين والتخفيف من مسئوليتهم، كذلك فإنه يؤدى إلى عدم تعسف الدائن ورجوعه مباشرة على أموال الشريك والتنفيذ عليها، رغم أن الشركة هى المدينة الأصلية بها، وقد تكون أموالها كافية للوفاء بما عليها من ديون.








































 س6/ اكتب فى عنوان شركة التوصية البسيطة موضحاً مدى أحقية الشريك الموصى فى التدخل فى الإدارة.

عنــوان شركـة التوصيـة البسيــطـة

لشركة التوصية البسيطة، تماماً كما هو الشأن بالنسبة لشركة التضامن، عنوان خاص، يتكون إما من أسماء الشركاء المتضامنين جميعاً متى كان عددهم قليلاً، أو من اسم واحد أو أكثر منهم متبوعاً بكلمة "وشركاه"، للدلالة على وجود شركاء آخرين معه فى الشركة. فإذا لم يوجد بالشركة إلا شريك واحد ضامن، فيجب أن يضاف بعد اسمه، الذى هو عنوان الشركة بحكم القانون كلمة "وشركاه" ولو كانوا جميعاً من الشركاء الموصين. إلا أن العنوان بهذه الصورة يؤثر على مسئولية الشركاء الموصين. وهكذا لا يكشف العنوان فى هذا الفرض عن طبيعة الشركة أمام الغير، ومن ثم لا بد أن يطلعوا على عقد الشركة أو على ملخصه فى قلم الكتاب، وذلك حتى يستطيع الغير معرفة ما إذا كان الشريك يعمل لحسابه الخاص، أو على العكس لحساب الشركة.

هذا، وقد نصت المادة 24 من التقنين التجارى على أنه "تكون إدارة شركة التوصية بعنوان، ويلزم أن يكون هذا العنوان اسمًا واحدًا أو أكثر من الشركاء المتضامنين". وأضافت م 26 منه بأنه "لا يجوز أن يدخل فى عنوان الشركة اسم واحد أو أكثر من الشركاء الموصين أى أرباب الأموال الخارجين عن الإدارة".

وتطبيقاً لذلك، يجب أن يشتق العنوان بالضرورة من أسماء الشركاء المتضامنين المسئولين بصفة مطلقة وتضامنية عن ديون الشركة، مع إضافة كلمة "وشركاه". ولا يجوز، كقاعدة عامة، أن يستمد العنوان من الغرض الذى تقوم به الشركة كما هو الشأن بالنسبة لشركة المساهمة. كذلك، لا يجوز أن يتضمن العنوان اسم أى من الشركاء الموصين الذين عبر عنهم النص " بأصحاب أو أرباب الأموال" لأن مسئوليتهم محدودة بقدر حصصهم ولا يسألون فى أموالهم الخاصة عن ديون الشركة. كذلك، لا يجوز أن يتضمن عنوان الشركة اسم شخص غير شريك، أجنبى عنها.

وقد قصد المشرع من استبعاد اسم الشريك الموصى من عنوان الشركة، حماية الغير المتعامل معها، لأنه قد يعتقد خطأ أن الشريك الموصي، إذا ما أدرج اسمه فى العنوان، مسئول فى جميع أمواله عن ديونها، على وجه التضامن، فيوليها ثقته وائتمانه، ويقدم على التعامل معها، ثم يفاجأ بعد ذلك بأنه مجرد شريك موصى محدود المسئولية.

ومن الناحية العملية، قد لا تراعى قاعدة الحظر بحيث يظهر اسم الشريك الموصى فى عنوان الشركة، ويترتب على هذه المخالفة تطبيق جزاء خطير نصت عليه المادة 29 من التقنين التجاري، وهو كقاعدة يختلف بحسب ما إذا كان الشريك الموصى يعلم بدخول اسمه فى العنوان أو على العكس لا يعلم بذلك، ومن ثم يجب التفرقة بين الحالتين:

1- إذا أدرج اسم الشريك الموصى فى العنوان برضائه الصريح أو الضمني، كما لو أدرج اسمه فى العنوان بإذن منه وبموافقته، أو علم بذلك ولم يعترض. يتعرض الشريك الموصى فى هذا الفرض لجزاء خطير وهو جزاء وجوبي، حيث يكون ملزماً فى مواجهة الغير تماماً كما لو كان شريكاً متضامناً، فيكون مسئولاً عن كافة الديون التى تتحمل بها الشركة فى جميع أمواله وعلى وجه التضامن(م 29 تجاري). ونتيجة لذلك، يكتسب صفة التاجر ويجوز بالتالى شهر إفلاسه إذا ما أشهر إفلاس الشركة.

فإذا كان اسمه قد أدرج فى العنوان أثناء حياة الشركة، فإنه لا يكون مسئولاً إلا عن الديون اللاحقة لظهور اسمه فى العنوان، أما الديون السابقة على ذلك فلا يكون مسئولاً عنها.

هذا كله بالنسبة لعلاقة الشريك الموصى بالغير الذى يتعامل مع الشركة. أما بالنسبة للشركة والشركاء، فلا تتغير كقاعدة علاقته بهم ؛ بمعنى أنه لا يفقد صفته الأصلية كشريك موصي، ويظل محتفظاً بهذه الصفة فى مواجهتهم، غير مسئول إلا فى حدود الحصة التى قدمها. وبناءً على ذلك، متى أوفى بديون الشركة، كان له الرجوع عليهم بما أداه زيادة عن حصته.

2- أما إذا أدرج اسم الشريك الموصى فى العنوان بدون موافقته أو بدون علمه، أو بعلمه واعتراضه على ذلك، فإنه يظل مسئولاً فى مواجهة الغير فى حدود قيمة حصته فقط ؛ بمعنى أنه يظل محتفظاً بصفته كشريك موصى فى مواجهة الغير ولا يتحول إلى شريك متضامن.

إلا أنه يشترط لذلك، أن يثبت أن اسمه قد أدرج فى العنوان بدون علم منه أو بعلمه واعتراضه، مع اتخاذه الإجراءات اللازمة لإعلام الغير بحقيقة مركزه فى الشركة من خلال وسائل الإعلام المختلفة، كالنشر فى الصحف مثلاً أو بنشر تصحيح لعنوان الشركة.

ومع ذلك، إذا كان الغير لا يستطيع الرجوع عليه ومطالبته بديون الشركة، فإنه يجوز له أن يرجع على الشريك الموصى ومطالبته بالتعويض عن الأضرار التى لحقته نتيجة إدراج اسمه فى العنوان، استناداً إلى إهماله فى مراقبة أحوال الشركة التى أدخلت اسمه فى العنوان دون علم من جانبه.

أما إذا قصد الشركاء من إدخال اسم الشريك الموصى فى العنوان خلق ائتمان زائف للشركة، فإنه يكون له حق الرجوع عليهم بالتعويض عما لحقه من أضرار نتيجة إساءة استخدام اسمه، فضلاً عن تعرضهم للعقوبة الجنائية (عقوبة النصب).

هذا، ومتى ظهر اسم الشريك الموصى فى العنوان، فالأصل هو مسئوليته الكاملة تجاه الغير عن دين الشركة، ويقع عليه عبء إثبات عدم علمه بإدراج اسمه أو اعتراضه على ذلك، وله أن يلجأ فى ذلك إلى كافة طرق الإثبات.

مسئـولية الشريـك الموصـى

المسئـولـيـة المـحـدودة

الشريك الموصى غير مسئول عن ديون الشركة أو خسارتها إلا فى حدود الحصة التى يقدمها فى رأس المال ؛ فهو لا يتحمل من مصير الشركة أكثر من الحصة التى يقدمها ، وبذلك يختلف مركزه القانونى عن مركز الشريك المتضامن الذى يتحمل مصير الشركة فى كل أمواله وعلى وجه التضامن، بحيث يؤدى شهر إفلاس الشركة إلى وجوب شهر إفلاسه دون أدنى تأثير على مركز الشركاء الموصين. وقد عبرت المادة 27 من التقنين التجارى عن هذه القاعدة صراحة بقولها: "أن الشركاء الموصين لا يلزمهم من الخسارة التى تحصل إلا بقدر المال الذى دفعوه أو الذى كان يلزمهم دفعه". وقد انتقد الفقه بحق هذا النص تأسيساً على أنه يوحى بأن الشريك الموصى يحتل مركز المقرض للشركة، وهو أمر غير سليم لاختلاف مركز كل منهما عن الآخر. والواقع أن الشريك الموصى وإن كان يشبه بالمقرض من حيث إن كلا منهما يقدم مالاً للشركة (يتمثل فى شكل حصة نقدية بالنسبة للشريك الموصي) إلا أن هذا التشابه ظاهرى محض؛ فالشريك الموصي، وعلى خلاف المقرض تتوافر لديه نية المشاركة، وإن كانت بدرجة أقل من الشريك المتضامن، إلا أنها تكفى لنفى صفة المقرض عنه، كما أن له الحق فى القيام بأعمال الإدارة الداخلية للمشروع، ومباشرة الرقابة على أعمال المدير. كذلك يشترك الموصى فى توزيع الأرباح والخسائر وليس من حقه الحصول على الأرباح إلا متى تحققت أرباح فعلية بالمعنى القانونى السليم، وفى كل ذلك يختلف مركزه عن مركز المقرض الذى لا يكون له الحق فى التدخل فى إدارة وتوجيه المشروع، فضلاً عن حقه فى الحصول على الفوائد بالإضافة إلى أصل دينه , سواء حققت الشركة أرباحاً أم لم تحقق.

هذا، ويلتزم الشريك الموصي، بتقديم الحصة التى تعهد بها بمجرد إبرام عقد الشركة ما لم يتفق على ميعاد آخر لتقديمها، كما يتم الوفاء بها بمجرد تسليمها للشريك المتضامن، على أنه لا يشترط أن يتم تسليم الحصة كاملة عند تأسيس الشركة. وإذا تأخر التسليم عن الميعاد المحدد المتفق عليه، كان مسئولاً عن تعويض الشركة عما يكون قد لحقها من أضرار نتيجة لذلك، ومتى قام الشريك الموصى بالوفاء بالحصة، برأت ذمته تجاه الشركة، ويعتبر فى مواجهتها كشخص أجنبى عنها. كذلك فهو لا يكون مسئولاً عن هلاك الحصة أو تبديدها أو فقدها بمعرفة الشريك المتضامن إلا إذا ثبت ارتكابه خطأ شخصياً.

أما إذا لم يقدم الشريك الحصة التى التزم بها، فالأصل أن يكون لمدير الشركة الحق فى الرجوع عليه ومطالبته بتقديمها أو الجزء الباقى منها، إذا لم يكن قد وفى بكل قيمتها. وإذا ما أشهر إفلاس الشركة قبل أن يقوم الشريك الموصى بتقديم الحصة، يجب على سنديك التفليسة مطالبته بتقديم حصته، كذلك يكون للمصفي، الحق فى مطالبة الشريك بتقديم الحصة الملتزم بها، فى حالة انقضاء الشركة قبل الوفاء بالحصة.

وأخيراً، يجوز لدائنى الشركة تطبيقاً للقواعد العامة، مطالبة الشريك الموصى بحصته عن طريق الدعوى غير المباشرة ؛ أى أنه يجوز لدائن الشركة رفع دعوى المطالبة بالحصة مستخدماً حق الشركة، وهى المدينة فى ذلك. وفى هذه الحالة يتعرض حق الدائن للخطر، لأنه يجوز للشريك الموصى أن يتمسك فى مواجهته بكافة الدفوع أو أوجه الدفاع التى يستطيع توجيهها أو التمسك بها، فى مواجهة الشركة، فيجوز له مثلاً أن يدفع مطالبة الدائن بالبطلان لعيوب الرضاء أو لعدم شهر الشركة مثلاً، فضلاً عن إمكانه الدفع بانقضاء التزامه بالتقادم أو بالمقاصة متى توافرت شروطها.

هذا، وعلى العكس، ليس لدائن الشركة الحق فى الرجوع على الشريك بالدعوى المباشرة ومطالبته بتقديم حصته فى رأس المال أو الجزء المتبقى منها، لأن المفروض أن هذا الشريك مستتر، ولا يعرفونه، كما أن اسمه لا يظهر فى عنوان الشركة. ومع ذلك، اعترف القضاء لهم بالحق فى الرجوع على الشريك الموصى بالدعوى المباشرة مستنداً فى ذلك إلى أن رأسمال الشركة وهو يتكون من جميع حصص الشركاء، المتضامنين والموصين، على السواء، يعتبر الضمان العام للدائنين، ومن ثم يكون لهم حق خاص ومباشر فى المطالبة باستكماله، كذلك فإن الاعتراف للدائن بالدعوى المباشرة يعتبر إحدى نتائج مبدأ ثبات رأس المال. وترتيباً على ذلك لا يستطيع الشريك الموصى فى هذه الحالة، أن يدفع مطالبة الدائن له بتقديم حصته، بالدفوع التى كان يستطيع أن يتمسك بها فى مواجهة الشركة أو الشركاء على نحو ما سبق ذكره.

إدارة شـركة التوصـية البسـيـطـة

1- قاعدة حظر تدخل الشريك الموصى فى إدارة شركة التوصية :

يسرى على المدير بصفة عامة، سواء من حيث تعيينه وعزله وسلطاته وأجره، ومسئولية الشركة عن تصرفاته وأعماله، فضلاً عن مسئوليته تجاه الشركة، كافة الأحكام السابق عرضها عند دراسة قواعد إدارة شركة التضامن، ولذلك نحيل فى خصوصها إلى ما سبق دراسته فى هذا الشأن.

على أن قواعد إدارة شركة التوصية، تتميز بأنه يمتنع على الشركاء الموصين، بحكم القانون التدخل فى أعمال الإدارة. وقد حرص المشرع على تأكيد هذا الحكم صراحة، وذلك بالنص فى المادة 28 من التقنين التجارى على أنه : "ولا يجوز لهم أى الشركاء الموصين – أن يعملوا عملاً متعلقاً بإدارة الشركة ولو بناء على توكيل". كذلك، فقد وصفت المواد 23 ، 25، 26 تجارى الشركاء الموصين بأنهم "أرباب الأموال الخارجين عن الإدارة".

وبناءً على ذلك، يجب كقاعدة عامة أن يعين مدير شركة التوصية البسيطة من بين الشركاء المتضامنين، أو أن يكون شخصًا غير شريك، أجنبيًا عن الشركاء، كما أنه لا يجوز كقاعدة أن يكون المدير أحد الشركاء الموصين، ولو وافق جميع الشركاء على ذلك، حيث يمتنع على الشريك الموصى مباشرة أى عمل من أعمال إدارة الشركة إعمالاً لنص المادة 28 تجارى ولو كان ذلك بناء على توكيل من جانب مدير الشركة أو من الشركاء.

أما إذا أغفل الشركاء تعيين مدير للشركة، سواء فى العقد التأسيسى أو فى عقد مستقل، يكون للشركاء المتضامنين جميعاً حق إدارة الشركة، دون مشاركة فى ذلك من جانب الشركاء الموصين.

2- الحكمة من الحظر:

تعتبر قاعدة حظر تدخل الشريك الموصى فى إدارة الشركة أحد المبادئ الأساسية المميزة لشركات التوصية بصفة عامة. وقد اختلف الرأى فقهاً حول تحديد الحكمة من وراء تقرير قاعدة الحظر؛ وانقسموا فى خصوص تبريرها إلى اتجاهين رئيسيين.

ويذهب أنصار الاتجاه الأول إلى أن المقصود من الحظر هو حماية الغير الذى قد يختلط عليه الأمر، فيعتقد خطأ وعلى خلاف الحقيقة أن الشريك الموصى الذى يظهر بمظهر المدير شريك متضامن مسئول مسئولية مطلقة، وتضامنية عن ديون الشركة، فيوليه ثقته وائتمانه، وهو مطمئن إلى يساره وملاءته المالية، ومعتمد على مركزه القوي، ثم يكتشف بعد ذلك حقيقة مركزه، وأنه مجرد شريك موصى محدود المسئولية. ولذلك فقد منع المشرع أن يتدخل الشريك الموصى فى الإدارة حتى يستبعد وقوع الغير فى مثل هذا الخطأ.

وبناءً على ذلك، ذهب أنصار هذا الاتجاه إلى التضييق من نطاق الأعمال المحظورة، بحيث تشمل الأعمال التى يكون من شأنها إيقاع الغير فى الغلط فى صفة الشريك، وهى أعمال الإدارة الخارجية.

أما الاتجاه الثاني، فيذهب إلى أن الحكمة من حظر تدخل الشريك الموصى فى الإدارة هى حماية الشركة والشركاء بصفة خاصة، وكذلك الغير فى نفس الوقت.

فقد قصد المشرع ليس مجرد تلافى اللبس الذى قد يقع فيه الغير، بل لقد خشى إذا ما تدخل الشريك الموصى فى الإدارة، أن يتهور فى تصرفاته وأعماله، ويقحم الشركة فى عمليات ومضاربات خطيرة، قد لا تستطيع تحملها، مما يؤدى إلى أسوأ العواقب بالشركة. فضلاً عن الإضرار بالشركاء المتضامنين، الذين قد يتعرضون للإفلاس، وذلك فى حين أن الشريك الموصى لا يتحمل مخاطر هذه الأعمال. ولذلك، كان من المنطقى أن يمنع الموصى من التدخل فى الإدارة وأن يختص بها الشركاء المتضامنون لأنهم حريصون على مصلحة الشركة التى يرتبط مصيرهم بمصيرها.

وترتيباً على هذا الرأى، يشمل الحظر أى عمل من أعمال الإدارة، وسواء أكان من أعمال الإدارة الداخلية أم الخارجية.

وعلى هذا الأساس، فقد فرق القضاء بين أعمال الإدارة الخارجية، ويقصد بها تلك الأعمال التى توجب بين الشريك الموصى والغير علاقة قانونية تقتضى تمثيل الشركة أمام الغير. فلا يجوز له أن يتعامل باسم الشركة فى مواجهة الغير، كأن يشترى من الغير أو يبيع له باسم الشركة، أو أن يقترض لحسابها، أو أن يوقع على الأوراق التجارية، ومن باب أَوْلى، لا يجوز أن يعين الموصى مديراً للشركة ولو بموافقة جميع الشركاء.

أما أعمال الإدارة الداخلية، فيكون للشريك الموصى بوصفه شريكاً، الحق فى القيام بها، ويقصد بها تلك الأعمال التى تتعلق بنشاط الشركة دون أن تقتضى ظهور الشريك الموصى أمام الغير كممثل لها، ولا يجوز كقاعدة الاتفاق فى عقد الشركة على حرمانه من القيام بهذه الأعمال لأنها تمثل الحد الأدنى من الحقوق المقررة لكل شريك ولو كان محدد المسئولية (م 519 مدني). وعلى ذلك، فللموصى إبداء النصح والآراء للمدير والاشتراك فى المداولات، وفى تعديل عقد الشركة، والتصويت على تعيين المدير أو عزله أو تحديد سلطته، وفى إقرار حسابات الشركة وميزانيتها السنوية. كما يكون له حق القيام بالإشراف والرقابة على أعمال المدير؛ فيكون من حقه التفتيش على أعمال الشركة، والاطلاع على دفاترها ومستنداتها (م 31 من التقنين التجاري).

هذا، ويجوز للموصى ولا يعتبر ذلك تدخلاً منه فى الإدارة، أن يرتبط بعقد عمل مع الشركة، بأن يكون مستخدما لديها، محاسباً أو كاتباً، أو مديراً فنياً، كما يجوز له أن يقرض الشركة، أو أن يبرم معها عقد بيع، أو أن يقدم لدائنيها تأميناً، كما يجوز تعيينه مصفياً للشركة بشرط ألا يقوم بأعمال جديدة.

3- جزاء مخالفة الحظر:

تنص المادة 30 من التقنين التجارى على أنه "إذا عمل أى واحد من الشركاء الموصين عملاً متعلقاً بإدارة الشركة، يكون ملزماً على وجه التضامن بديون الشركة وتعهداتها التى تنتج عن العمل الذى أجراه. ويجوز أن يلزم الشريك المذكور على وجه التضامن بجميع تعهدات الشركة أو بعضها على حسب عدد وجسامة أعماله وعلى حسب ائتمان الغير بسبب تلك الأعمال".

ويستفاد من هذه المادة، أنه متى خالف الشريك الموصى قاعدة الحظر بأن تدخل فى أعمال الإدارة الخارجية للشركة، ولو كان ذلك بناءً على توكيل، فإنه يتعرض لجزاء صارم، وهو فى الواقع يتمثل فى جزاءين، أحدهما إلزامى والآخر اختياري، كما أنه يتدرج تبعاً لمدى تدخله فى إدارة الشركة، وذلك على النحو الآتي :

أ- الجزاء الإجبارى أو الإلزامى :

متى خالف الشريك الموصى قاعدة الحظر، وقام بعمل من أعمال الإدارة الخارجية، فإنه يكون مسئولاً فى مواجهة الغير كما لو كان شريكاً متضامناً؛ ففى نطاق علاقته بالغير الذى تعامل معه، يفقد صفته كشريك موصي، ويكون مسئولاً عن كافة الالتزامات الناشئة عن العمل الذى قام به فى أمواله الخاصة، ولو تجاوزت حدود الحصة التى قدمها فى رأسمال الشركة. ولكنه يظل محتفظاً بصفته كشريك موصى فى مواجهة الغير بالنسبة لديون وتعهدات الشركة الأخرى. فإذا تعاقد نيابة عن الشركة، فإنه يكون مسئولاً مسئولية تضامنية عن الوفاء بالتزامات الشركة الناشئة عن هذا العمل، ولا يملك القاضى أية سلطة تقديرية فى هذه الحالة، بل يجب عليه توقيع الجزاء بحيث لا يمكن للشريك الموصى الإفلات منه (م 30/2 من التقنين التجاري).

ب- الجزاء الاختياري:

على أنه يجوز أن تتسع مسئولية الشريك الموصي، تبعاً لما تراه المحكمة، حيث يخضع الجزاء فى هذه الحالة لمطلق تقديرها، فقد تعتبره مسئولاً شخصياً وتضامنياً عن كافة ديون الشركة كما لو كان شريكاً متضامناً، وقد تكتفى المحكمة بتقرير مسئوليته المطلقة والتضامنية عن بعض الديون التى تتحملها الشركة دون غيرها.

ويدخل القاضى فى اعتباره مدى أهمية العمل الذى قام به الموصى ودرجة جسامته؛ فإذا ثبت له أن الأعمال التى قام بها جسيمة ومتكررة، بحيث يبدو أمام الغير كأنه أحد الشركاء المتضامنين فى الشركة، يجوز اعتباره شريكاً متضامناً بالنسبة لكافة الديون التى تتحملها الشركة ولو لم تكن ناشئة عن التصرفات التى باشرها بنفسه. كذلك، يجوز للمحكمة أن تعتبره شريكاً متضامناً بالنسبة لبعض ديون الشركة دون غيرها، وذلك متى كانت الأعمال التى باشرها الموصى قليلة من حيث عددها إلا أنها تمثل فى نفس الوقت درجة كبيرة من الأهمية.

هذا, ويطبق كقاعدة هذا الجزاء الإجبارى أو الاختيارى , تبعاً لتقدير القاضي، على الشريك الموصى متى خالف قاعدة الحظر، وتدخل فى أعمال الإدارة الخارجية الممنوعة عليه، وذلك كله فى نطاق العلاقة التى تقوم بينه وبين الغير، المتعاملين مع الشركة. أما فيما يتعلق بعلاقة الشريك الموصى والشركاء المتضامنين، فيتوقف الحكم على ما إذا كان الشريك الموصى قد قام بالأعمال المحظورة عليه بناء على توكيل من الشركاء أم على العكس قام بها من تلقاء نفسه وبدون توكيل منهم بذلك. وفى الفرض الأول، فإنه يظل على الرغم من مسئوليته الشخصية والتضامنية، محتفظاً فى مواجهتهم بصفته كشريك موصي، ويكون من حقه الرجوع عليهم ومطالبتهم بما وفاه من ديون الشركة زائداً عن حصته. وعلى العكس، ففى الفرض الثاني، إذا قام الشريك الموصى بأعمال الإدارة من تلقاء نفسه وبدون توكيل من الشركاء، فإنه يكون وحده المسئول شخصياً عن كافة الآثار المترتبة على هذه الأعمال.

أما الشركة، فالأصل أنها لا تلتزم بهذه الأعمال، ولا تكون مسئولة عن الآثار المترتبة عليها باعتبارها صادرة من غير ذى صفة فى إلزام الشركة، ولذلك لا يستطيع الموصى أن يرجع على الشركة أو الشركاء المتضامنين للمطالبة بما دفعه من ديون الشركة متجاوزاً قيمة حصته، إلا إذا كانت الشركة قد استفادت من الأعمال التى قام بها تطبيقاً لقواعد الإثراء بلا سبب.

هذا, ومتى تقررت مسئولية الشريك الموصى عن ديون الشركة كلها أو بعضها نتيجة لتدخله فى أعمال الإدارة، فإنه لا يعتبر كقاعدة تاجراً ولا يلتزم بالتزامات التجار، كما أنه لا يجوز شهر إفلاسه إذا ما شهر إفلاس الشركة ونتيجة له.























































 س7/ اكتب فى خصائص الأوراق التجارية و وظائفها.




خصائص الأوراق التجارية:

تتميز الأوراق التجارية بالخصائص الآتية:

1- القابلية للتداول بالطرق التجارية:

لا تستطيع الورقة التجارية أن تقوم بوظيفتها الأساسية كأداة تحل محل النقود في الوفاء إلا إذا كانت سهلة وسريعة الانتقال من يد إلى أخرى. ولذلك فالقاعدة هي وجوب أن تشتمل على شرط الأمر أو الإذن، أو أن تكون لحاملها حتى يمكن تداولها بالتظهير متى كانت إذنيه، أو بالتسليم متى كانت للحامل. أما إذا كانت الورقة باسم شخص معين، فلا يتم تداولها إلا وفقاً لأحكام القانون المدني بشأن حوالة الحقوق (م 305 مدني)، ولا تعتبر بالتالي من الأوراق التجارية.

2- تمثل الورقة حقاً موضوعه مبلغ من النقود محدد المقدار والأجل:

لما كانت الأوراق التجارية تقوم مقام النقود في الوفاء لذلك، فإنه يجب أن يكون موضوع الورقة دائماً التزاماً بدفع مبلغ نقدي، وعلى ذلك تخرج من عداد الأوراق التجارية تلك الصكوك التي تمثل البضائع كسندات الشحن البحري وتذكرة النقل البري، وكذلك الإيصال الذي تسلمه المخازن العمومية لمودعي البضائع وهي لا تعتبر أوراقاً تجارية ولو كانت قابلة للتداول بالطرق التجارية.

كذلك يجب أن يكون الحق النقدي الذي تمثله الورقة معين المقدار على وجه الدقة، فلا يكون أداؤه معلقاً على شرط واقف أو فاسخ أو على أجل غير محدد لأن في ذلك ما يعوق تداول الورقة التجارية بالسهولة الواجبة.

وعلى ذلك، لا تعتبر الأسهم والسندات (الأوراق المالية) من قبيل الأوراق التجارية، فهي بالإضافة إلى أنها لا تمثل ديناً نقدياً، تكون عرضة لتقلبات الأسعار، فضلاً عن عدم تحديد ميعاد استحقاقها.

هذا، ويجب أن يكون الالتزام الثابت في الورقة واجب الدفع في أجل معين، أو قابل للتعيين، وإلا كان التزاماً غير محدد.

ولكن هل يشترط لاعتبار الورقة، ورقة تجارية، أن تكون مستحقة الدفع بعد أجل قصير من تاريخ إنشائها؟

يذهب جانب من الفقه الفرنسي وكذلك المصري إلى أنه يشترط لاعتبار الورقة من الأوراق التجارية أن تكون مستحقة الدفع في أجل قصير، كثلاثة أو ستة شهور، حتى يستطيع حاملها أن يحصل على قيمتها فوراً بخصمها لدى البنك. إلا أننا نرى مع الرأي الراجح في الفقه أن قصر أجل الاستحقاق لا يعتبر من مقومات الورقة التجارية. ومن ثم يجوز اعتبار الصك من الأوراق التجارية حتى ولو كان مستحق الدفع بعد أجل يتراوح بين سنتين وثمان سنوات، وقد أكدت ذلك محكمة النقض الفرنسية.

3- الأوراق التجارية هي تلك التي يستقر العرف التجاري على استخدامها فى الوفاء:

هذا ولا يكفي لاعتبار الصك ورقة تجارية، أن تتوافر في شأنه خصائص الأوراق التجارية السابق عرضها، بل يجب فوق ذلك أن يستقر العرف على قبوله في تسـوية الديون، ولذلك، فمن المتفق عليه سواء في فرنسا أو في مصر أن كوبونات الأسهم والسندات لا تعتبر أوراقاً تجارية على الرغم من أنها تنطوي على كافة خصائص الورقة التجارية، ذلك أن العرف لم يجر على استخدامها كأداة للوفاء.

ثانياً - أنواع الأوراق التجارية:

نظم المشرع المصري ثلاثة أنواع من الأوراق التجارية : الكمبيالة ، والسند الإذنى ، وكذلك الشيك.

ومن المتفق عليه أن هذه الأنواع التي ذكرها المشرع ونظم أحكامها لم ترد على سبيل الحصر بل على سبيل المثال، ومما يؤكد ذلك، أن المادة 378 من قانون التجارة، وقد تكلمت عن هذه الأنواع السابقة، أضافت عبارة "وغيرها من الأوراق التجارية الأخرى"، ومن ثم فإن اصطلاح الأوراق التجارية يشمل تلك الأوراق التي نص عليها القانون، وغيرها من الصكوك التي قد تظهر في المستقبل ويستقر العرف على قبولها كأداة للوفاء، بشرط أن تتوافر فيها مقومات الأوراق التجارية السابق ذكرها.

1- الكمبيالة :

وهي عبارة عن محرر مكتوب وفق أوضاع شكلية حددها القانون، تتضمن أمراً من شخص يسمى الساحب Tireur إلى شخص آخر يسمى المسحوب عليه Tiré يدفع مبلغاً معيناً من النقود بمجرد الاطلاع أو في تاريخ معين أو قابلاً للتعيين لإذن شخص ثالث يسمي المستفيد Bénéficiaire أو الحامل Porteur. وتعتبر الكمبيالة أقدم وأهم أنواع الأوراق التجارية، ولذلك فقد اتخذها المشرع نموذجاً لسائر الأوراق التجارية، وقد نظمها قانون التجارة الجديد تنظيماً مفصلاً، كما أحال بالنسبة للسند للأمر والشيك إلى القواعد الخاصة بها.

وتتضمن الكمبيالة بالضرورة ثلاثة أشخاص: الساحب: وهو مصدر الأمر بالدفع، والمسحوب عليه: وهو المأمور بالدفع، والمستفيد: وهو من صدر الأمر لصالحه. كذلك تفترض الكمبيالة وجود علاقتين قانونيتين سابقتين على إنشائها؛ فهناك علاقة بين الساحب والمسحوب عليه، يكون فيها الساحب دائناً للمسحوب عليه بمبلغ معين من النقود، بحيث يجوز للساحب أن يصدر إليه أمراً بدفع دينه كله أو جزء منه فقط لأمر شخص ثالث هو المستفيد. وتسمى هذه العلاقة "مقابل الوفاء". وهناك علاقة ثانية بين الساحب والمستفيد يكون فيها الساحب مديناً للمستفيد، وهو يفي دائنه (المستفيد) عن طريق إحالته على مدينه المسحوب عليه.

هذا، ولا يلزم المسحوب عليه بالكمبيالة إلى أن يوقع عليها بالقبول، acceptation.

وكقاعدة عامة - يعتبر التزام جميع الموقعين على الكمبيالة عملاً تجارياً مطلقاً، أياً كانت صفة ذوي الشأن فيها، تجاراً أم غير تجار، وأياً كان سبب الالتزام أي سواء تم تحريرها أو تظهيرها أو ضمانها بمناسبة عملية تجارية أم مدنية، وذلك لأن المادة 2 من التقنين التجاري قد اعتبرت أعمالاً تجارية بحكم القانون "جميع الكمبيالات أياً كان أولو الشأن فيها".

2- السند الإذني أو السند لأمر:

وهو محرر مكتوب وفق أوضاع شكلية حددها القانون يتضمن تعهد شخص يسمى المحرر بدفع مبلغ معين من النقود في تاريخ معين أو قابل للتعيين لأمر شخص آخر يسمى المستفيد.

وعلى خلاف الكمبيالة، يتضمن السند لأمر شخصين فقط : المحرر، والمستفيد، كما أنه يفترض علاقة قانونية واحدة بينهما، يمثل فيها المحرر مركز المدين الأصلي، أما المستفيد فهو يمثل مركز الدائن.

وفي ظل التقنين التجاري الملغي، لم يكن السند لأمر يعتبر ورقة تجارية في جميع الحالات، بل كان يعتبر كذلك متى كان محرره تاجراً أو كان تحريره مترتباً على أعمال تجارية.

أما في ظل قانون التجارة الجديد، فهو يعتبر، مثله في ذلك مثل الكمبيالة، أعمالاً تجارية شكلية (م 378 منه).

3- الشيك :

وهو محرر مكتوب وفق أوضاع شكلية حددها القانون، يتضمن أمراً من شخص معين هو الساحب إلى شخص آخر هو المسحوب عليه، الذي يجب دائماً أن يكون بنكاً، بأن يدفع مبلغاً معيناً من النقود، لأمر شخص ثالث وهو المستفيد أو لحامله، وبمجرد الاطلاع على الصك. ويشبه الشيك الكمبيالة من ناحية الشكل، حيث يفترض وجود ثلاثة أشخاص، كما يتضمن علاقتين قانونيتين، إلا أنه يختلف عنها من ناحية أنه مستحق الدفع دائماً لدى الاطلاع، فهو والحال كذلك يعتبر مجرد أداة وفاء ولا يقوم بوظيفة الائتمان. بالإضافة إلى أن الشيك يجب، كقاعدة، أن يسحب على بنك، ولا يجوز في ظل قانون التجارة الحالي أن يكون المسحوب عليه فرداً عادياً.

هذا، وقد كان الشيك يخضع في ظل القانون التجاري، للقواعد العامة في التجارية، بمعنى أنه لم يكن يكتسب الصفة التجارية إلا إذا كان تحريره مترتباً على أعمال تجارية. أما بعد صدور قانون التجارة الجديد فهو يأخذ حكم الأوراق التجارية الأخرى، (الكمبيالة والسند للأمر) حيث يعتبر عملاً تجارياً شكلياً.

ثالثاً - وظائف الأوراق التجارية:

تقوم الأوراق التجارية بثلاث وظائف رئيسية هى :

1- أداة لإبرام عقد الصرف ونقل النقود من مكان إلى آخر:

يرجع إلى عقد الصرف فضل ابتكار الأوراق التجارية، حيث كانت الكمبيالة عند بدء نشأتها مجرد أداة لتنفيذ عقد الصرف المسحوب Change tiré بين بلدين، بحيث يتجنب التاجر نقل النقود وما يصاحبه من مخاطر السرقة والضياع.

2- أداة للوفاء:

نظراً إلى قابلية الأوراق التجارية للتحويل فوراً إلى نقود، عن طريق خصمها لدى أحد البنوك، لذلك فقد كان من الطبيعي أن تحل محل النقود في تسوية المعاملات.

وتعتبر هذه الوظيفة الدور الرئيسي الذي تقوم به الأوراق التجارية طبقاً لأحكام القانون، حيث اعتبر الوفاء بالأوراق التجارية كالوفاء بالنقود تماماً في حكم المادة 598/هـ من قانون التجارة الجديد. ومع ذلك، فقد قلت أهميتها في الوقت الحالي من هذه الناحية، وذلك بسبب ظهور أدوات أخرى للوفاء كالشيكات المصرفية والحوالات البريدية، فضلاً عن النقل المصرفي.

هذا، وما زالت الكمبيالة تستخدم حالياً كأداة للوفاء في نطاق المعاملات الدولية.

3- أداة للائتمان :

تقوم المعاملات التجارية على الائتمان، وتعتبر الأوراق التجارية وسيلة هذا الائتمان، ذلك أنها غالباً ما تتضمن أجلاً للوفاء بقيمتها، بحيث لا يكون المدين ملتزماً بالوفاء، بقيمتها في الحال، كما أن الدائن لا يضار من تأجيل الوفاء، ذلك أنه يستطيع، متى كان في حاجة إلى نقود قبل حلول ميعاد الاستحقاق أن يحصل على قيمة الورقة في الحال بخصمها لدى البنك.

وتقتصر - كقاعدة عامة - هذه الوظيفة على الكمبيالة والسند للأمر ذلك أن هذه الصكوك وحدها يمكن أن تتضمن أجلاً لاستحقاقها، أما الشيك، فنظراً إلى أنه مستحق الوفاء دائماً لدى الاطلاع فإنه يعتبر أداة وفاء فقط، ولا يقوم بدور الائتمان.

ومع ذلك، كثيراًَ ما يستخدم الشيك كأداة للائتمان، حيث يتم تأخير تاريخ الشيك لأجل معين، ويفضل الدائن الشيك على أية ورقة تجارية أخرى حتى يستفيد من الضمانات القوية المرتبطة به، والتي تتمثل في العقوبة الجنائية التي يتعرض لها المدين في حالة الامتناع عن الوفاء أو متى كان الشيك بدون رصيد (م 337 عقوبات).




 س8/ اكتب فى الشروط الشكلية للكمبيالة.

الشروط الشكلية

أولاً - ضرورة المحرر:

يشترط لوجود الورقة التجارية - أياً كان نوعها - أن تكون مكتوبة في محرر. ولا شك في أنه يجوز إثبات التصرف القانوني الذي كان سبباً في إنشاء الكمبيالة بكافة طرق الإثبات، إلا أنه لا يجوز إثبات وجود الكمبيالة بأي طريق آخر غير الكتابة أياً كانت قوته كالإقرار مثلاً - ومن ثم تعتبر الكتابة ركناً لازماً لقيامها قانوناً، وليست مجرد أداة للإثبات.

والغالب أن يكون المحرر عرفياً، وفي هذه الحالة لا يشترط أن يكون مكتوباً كله بخط الساحب، بشرط أن يتضمن توقيعه، كما أنه نادراً ما يكون محرراً رسمياً، لتعارض الرسمية والعادات التجارية، فضلاً عما يتطلبه من نفقات وما يقتضيه من وقت، الأمر الذي يعوق تداول الورقة.

الكفاية الذاتية:

هذا ، ويجب أن يكون المحرر كافياً بذاته، لتعيين الالتزام الصرفي الثابت فيه، بحيث يكفي بمجرد الاطلاع على المحرر التحقق من صحة الكمبيالة ومدى ما تفرضه من التزامات أو تقرره من حقوق. وترتيباً على ذلك، إذا أحال المحرر إلى وقائع أو اتفاقات خارجية، فإنه يفقد وصف الكمبيالة نتيجة لعدم توافر شرط الكفاية الذاتية.

ثانياً - البيانات الإلزامية :

كذلك يجب لصحة الكمبيالة من الناحية الشكلية أن يتضمن المحرر حداً أدنى من البيانات نصت عليها المادة (379) من القانون التجاري، وهي البيانات الآتية :

1- تسمية الكمبيالة :

تتطلب المادة 379 من القانون ذكر عبارة " كمبيالة " في متن الصك ذاته، وبنفس اللغة التي كتب بها الصك، فلا يكفي كتابة هذه العبارة في أعلى الصك كعنوان له، أو في نهايته أسفل توقيع الساحب، بل يجب على محرر الكمبيالة "الساحب" أن يحدد وصف الصك بأنه كمبيالة في عبارة الأمر الصادر منه إلى المسحوب عليه، فيكتب "ادفعوا بموجب هذه الكمبيالة". وتحديد وصف الصك على هذا النحو يجعله يتداول عن طريق التظهير، حتى ولو لم يتضمن كتابة "شرط الأمر أو الإذن". وإذا خلا الصك من هذا البيان، فلا تعتبر كمبيالة في نظر القانون.

2- تاريخ إنشاء الكمبيالة ومكانه:

كذلك يجب - كقاعدة - لصحة الكمبيالة أن تتضمن تاريخ إنشائها، وهو من البيانات الإلزامية التي أوجب المشرع إدراجها في الصك (م379/2)، ولهذا البيان أهمية خاصة في تطبيق أحكام الكمبيالة؛ فعن طريقه يمكن تحديد أهلية الساحب وقت السحب، كذلك معرفة ما إذا كان قد تم تحرير الصك خلال فترة الريبة أم قبل ذلك. وفوق ذلك فللتاريخ أهميته في تحديد ميعاد الاستحقاق وذلك في الأحوال التي تكون فيها الكمبيالة مستحقة الوفاء لدى الاطلاع à vue أو بعد فترة من الاطلاع؛ حيث تبدأ من هذا التاريخ المواعيد التي يجب خلالها تقديم الكمبيالة للمسحوب عليه (م 422/1 من القانون).

ولا يشترط أن يذكر التاريخ على وجه التفصيل، أي باليوم والشهر والسنة، بل يكفى أن يكون واضحاً ومقروءاً، ولا يثير أي مجال للشك، كما أنه لا يشترط أن يكتب بالحروف بل يجوز أن يكتب بالأرقام فقط أو بالحروف فقط. كذلك فلا أهمية للموقع الذي يذكر فيه التاريخ، فقد يوضع في أعلى الورقة وهذا هو الوضع الغالب، على أنه يجوز أن يكتب في أسفل الورقة أو جانبها gauche à.

هذا، ويشترط أن يكون تاريخ إنشاء الكمبيالة تاريخاً واحداً ولو تعدد ساحبوها، وإلا كانت باطلة، وهو يعتبر حجة على الغير ولو لم يكن تاريخاً ثابتاً (م 69/3 من قانون التجارة الجديد).

3- مبلغ الكمبيالة:

طبقاً لنص المادة 379/ب تجاري يجب أن يتم تعيين المبلغ الواجب دفعه في الكمبيالة على وجه الدقة، حتى تستطيع الورقة التجارية أن تقوم بوظائفها الاقتصادية كأداة للوفاء وأداة للائتمان على الوجه الأكمل.

ويجوز كتابة المبلغ بالحروف فقط أو بالأرقام فقط، وإن كانت العادة قد جرت على كتابة المبلغ مرتين، إحداهما بالأرقام في أعلى الصك، والأخرى بالحروف في صلبه. ويثير هذا الوضع بعض الصعوبات في حالة اختلاف المبلغين.

وقد حسمت المادة 384 من قانون التجارة ما أثير من خلاف حول الحل واجب التطبيق ونقلت ذات الحكم الذي قررته اتفاقية جنيف بشأن الأوراق التجارية، وقررت أنه إذا كتب مبلغ الكمبيالة بالحروف وبالأرقام معاً، تكون العبرة عند الاختلاف بالمكتوب بالحروف. أما إذا كتب المبلغ عدة مرات بالحروف أو بالأرقام فالعبرة عند الاختلاف بأقلها مبلغاًَ، لأنه من المؤكد وقوع الاتفاق عليه، إذ تم النص عليه في الحالتين.

هذا، ويجب أن يكون المبلغ الثابت في الكمبيالة واحداً، بمعنى أنه لا يجوز أن تتضمن الكمبيالة أمراً بالوفاء بأكثر من دين واحد في مواعيد استحقاق متعددة، أو أن يكون الدين الثابت فيها مقسطاً على أقساط شهرية؛ ذلك أن مثل هذه الكمبيالات تعتبر باطلة، وتفقد صفتها كورقة تجارية. ويستفاد هذا الحكم صراحة من نص الفقرة الأخيرة من المادة 421 من القانون التجاري الجديد.

اشتراط الفوائد:

نظراً لخلو التقنين التجاري من نص يجيز اشتراط فوائد في الكمبيالة، فقد اختلف الرأي بين الفقهاء حول هذه المسألة، فذهب رأي إلى عدم جواز مثل هذا الشرط، لأن وجوده يتعارض ووجوب تعيين مبلغ الكمبيالة تعييناً نافياً للجهالة، حتى يستطيع الحامل أن يتبين حقوقه على وجه الدقة، بمجرد الاطلاع على الصك، بالإضافة إلى أن هذا الشرط يعوق تداول الورقة، لأنه يقتضي إجراء عملية حسابية , فضلاً عن أنه قد يثير بعض المنازعات. أما الرأي الراجح، فقهاً وقضاءً، فقد ذهب إلى عكس ذلك ؛ بمعنى أنه أجاز اشتراط الفوائد لأن مثل هذا الشرط لا يخل بقاعدة وجوب أن يكون المبلغ الثابت بالكمبيالة معيناً على وجه الدقة. وقد حسمت المادة 383 من القانون التجاري الجديد هذه المسألة، نقلاً عن القانون التجاري الفرنسي (م 112) وأجازت إدراج "شرط الفوائد" بالنسبة للكمبيالات مستحقة الدفع لدى الاطلاع أو بعد مدة من الاطلاع عليها، ويعتبر الشرط باطلاً كأن لم يكن إذا ما أدرج في غير هذه الكمبيالات، التي تم النص عليها بالمادة المشار إليها على وجه التحديد.

4- اسم المسحوب عليه:

يجب أن تتضمن الكمبيالة بالضرورة اسم الشخص الذي يصدر إليه الأمر من الساحب بالوفاء بقيمة الكمبيالة في ميعاد الاستحقاق إلى المستفيد (م 379/3 تجاري) أو الحامل، على أن المسحوب عليه لا يلتزم - كقاعدة - بالوفاء بالكمبيالة منذ تاريخ إنشائها بل يصبح كذلك متى وقع عليها بالقبول.

ولا تشترط المادة 379/3 إلا بيان اسم المسحوب عليه، يستوي أن يكون اسمه المدني أو التجاري، بمعنى أنه لا يشترط ذكر لقبه أو مهنته أو عنوانه، وإن كانت العادة قد جرت على ذلك، حتى يتحدد المسحوب عليه على وجه الدقة.

ويجوز أن يكون المسحوب عليه شخصاً واحداً، كما يجوز أن يكون عدة أشخاص. ويتفق الرأي على أنه متى قام أحد المسحوب عليهم بالوفاء بقيمة الكمبيالة، برأت ذمة الباقين تجاه الحامل، أما إذا امتنع أحدهم عن القبول أو الوفاء، كان للحامل اتخاذ إجراءات الرجوع في مباشرتهم جميعاً.

هذا، وطبقاً لأحكام القانون الفرنسي، يجوز للساحب سحب كمبيالة على نفسه، أما في مصر، فقد كان الرأي مستقراً على عدم جواز ذلك، على أساس أن الكمبيالة تفترض وجود ثلاثة أشخاص، أي أنه يجب أن يكون المسحوب عليه شخصاً آخر غير الساحب، بحيث يضيف بقبوله مديناً جديداً في الكمبيالة ومن ثم يتسع ضمان الحامل، ولذلك، تفقد مثل هذه الكمبيالة صفتها وتعتبر مجرد سند للأمر. ومع ذلك، فقد طبق المشرع في قانون التجارة الجديد حكماً مغايراً، فضلاً عن القانون الفرنسي، بحيث أجاز سحب الكمبيالة على نفس الساحب، بحيث يحتل هذا الأخير مركز الساحب والمسحوب عليه في نفس الوقت، وهذا الحكم رغم أنه يتعارض مع وجوب أن تكون الكمبيالة ثلاثية الأطراف إلا أنه يتماشى مع ما تقتضيه الضرورات العملية، بحيث يجوز للمؤسسات التجارية أو الصناعية ذات الفروع المتعددة أن يسحب مركزها الرئيسي كمبيالة على أي من فروعها، والعكس صحيح أيضاً، بحيث يجوز لفروع المؤسسة سحب كمبيالات على المؤسسة أو على أي فرع من فروعهـا (م381/2 من القانون).

5- اسم المستفيد:

يجب أن تتضمن الكمبيالة اسم الشخص الذي حررت لمصلحته وهو المستفيد، وهو بيان إلزامي متى كانت الكمبيالة إذنية، ويجب تعيين المستفيد تعييناً نافياً للجهالة باعتباره الدائن الأول فيها الذي يحق له المطالبة بالوفاء بقيمتها في تاريخ الاستحقاق، كما أن العلاقة القانونية التي تربطه بالساحب هي أساس تحرير الكمبيالة.

هذا، ويجوز أن تحرر الكمبيالة لإذن عدة أشخاص، إلا أنه غالبا ما يتم سحب الكمبيالة لإذن شخص واحد فقط. كذلك، يجوز أن تحرر الكمبيالة لإذن الساحب نفسه، بحيث يكون هو المستفيد في نفس الوقت , وهو ما نصت عليه صراحة المادة 381/1 من القانون التجاري الجديد حيث تنص على أن "يجوز سحب الكمبيالة ... لأمر الساحب نفسه".

ولا يعتبر الصك في هذه الحالة منذ نشأته كمبيالة بالمعنى الصحيح بل يعتبر مجرد عمل تحضيري لإنشاء الكمبيالة، لأنها لا ترتب التزاماً ما في ذمة الساحب، وهي لا توجد أيضاً بعد قبولها من جانب المسحوب عليه، وإنما تصبح سنداً إذنياً، متى توافرت في الصك الشروط الشكلية الخاصة بالسندات الإذنية. فإذا ما ظهر الصك إلى حامل جديد، فإنه يعتبر منذ هذا الوقت كمبيالة بالمعنى الصحيح. هذا، ولا بد من تحديد بيان اسم المستفيد بالصك حتى يعتبر كمبيالة صحيحة قانوناً، ذلك أن قانون التجارة الجديد وعلى غرار الحكم الوارد بقانون جنيف الموحد، لا يجيز إنشاء الكمبيالة لحاملها، وإذا ما خلا الصك من هذا البيان، كان باطلاً.

6- شرط الإذن:

الكمبيالة باعتبارها ورقة تجارية، يجب أن تكون قابلة للتداول بالطرق التجارية، أي بالتظهير متى كانت إذنية، وبالمناولة متى كانت لحاملها.

ولذلك يجب أن تشتمل الكمبيالة على شرط الإذن أو الأمر، أو أن ينص على أنها لحاملها. فإذا خلت الكمبيالة من هذا البيان، أو نص على أنها غير قابلة للتداول، أو صدرت باسم شخص معين، فإنها تفقد صفتها كورقة تجارية ولا تخضع لأحكام قانون الصرف، كما أنها لا تنتقل من شخص إلى آخر إلا عن طريق الحوالة المدنية. إلا أنه، وبعد صدور قانون التجارة الجديد، لم يعد من الضروري ذكر بيان شرط الأمر أو الإذن في الكمبيالة، وذلك اكتفاء بتحديد وصف الصك، بكتابة عبارة "كمبيالة" في صلبه، وباللغة التي كتب بها. ومن ثم يتم تداوله بطريق التظهــير؛ بمعنى أن الصـك متى تم تسمـيته "كمبيالة"، يتم تداوله بالتظهـير حتى ولو لم يدرج به شرط الأمر، وذلك كله طالمـا لم ينص فيه صـراحة على أنهـا ليسـت للأمر أو على أي عـبارة أخـرى تفــيد هـذا المعنى (م 391/2) من القانون التجاري الجديد.

7- تاريخ الاستحقاق:

يجب أن تتضمن الكمبيالة بيان تاريخ الاستحقاق (م 421 من القانون)، وهو التاريخ الذي يجب أن يتم فيه الدفع، فإذا خلت الكمبيالة من هذا البيان، فهي تعتبر باطلة بوصفها كذلك وتعتبر مجرد سند عادي بالمديونية. إلا أن القانون التجاري الجديد، قد صحح هذا الحكم أخيراً بما قرره قانون جنيف الموحد في خصوص هذه المسألة، فلم يرتب بطلان الكمبيالة عند خلوها من تاريخ الاستحقاق (الوفاء)، وإنما اعتبرها واجبة الدفع لدى الاطلاع عليها (م380/1). وتبدو أهمية هذا البيان من ناحية أنه الوقت الذي يلتزم فيه الحامل بتقديم الكمبيالة للمسحوب عليه مطالباً إياه بالوفاء بقيمتها، كما يبدأ من هذا التاريخ سريان المواعيد القصيرة التي حددها القانون للرجوع على الموقعين في حالة الامتناع عن الوفاء، بالإضافة إلى بدء سريان مواعيد تقادم الدعاوى الناشئة عن الكمبيالة.

ولا يجوز – كقاعدة عامة – تعليق تاريخ الاستحقاق على شرط غير محقق الوقوع، أو على أجل غير معين، بل يجب لصحة الكمبيالة أن يكون هذا التاريخ معيناً على وجه التحقيق.

وطبقاً لنص المادة 421 تجاري، يجوز أن تكون الكمبيالة مستحقة بمجرد الاطلاع عليها، أو بعد مدة من الاطلاع، أو بعد مدة من تاريخ تحريرها، أو في تاريخ معين. وهذه الطرق لتحديد ميعاد الاستحقاق التي جاءت بها المادة المشار إليها، قد وردت على سبيل الحصر، ومن ثم لا يجوز أن يحدد التاريخ في الكمبيالة بطريقة مختلفة ولم ترد ضمن التعداد المنصوص عليه بالمادة السابقة (م 421)، وإلا ترتب على ذلك بطلان الصك بوصفه كمبيالة.

هذا، ومن المتفق عليه، فقهاً وقضاءً، وجوب أن يكون ميعاد الاستحقاق واحداً، بمعنى أنه لا يجوز أن تتضمن الكمبيالة مواعيد متتابعة للاستحقاق، وإلا اعتبرت الكمبيالة باطلة (م 421/2 من القانون)، فلا يجوز مثلاً للساحب أن يجزئ قيمة الكمبيالة على أقساط، ويجعل لكل قسط منها تاريخاً للاستحقاق خاصاً به، ذلك أن تعدد مواعيد الاستحقاق يعوق تداول الصك ويجعل الكمبيالة غير قادرة على القيام بوظيفتها الأصلية كأداة تحل محل النقود في الوفاء، نظراً لما يثيره هذا الوضع من ارتباك في علاقات حملة الكمبيالة المتعاقبين.

8- محل الوفاء:

يجب أن تتضمن الكمبيالة بيان مكان الوفاء (م379/5 تجاري) حتى يستطيع الحامل معرفة المكان الذي يتقدم فيه لقبض قيمتها. وغالباً ما يكون هذا المكان هو موطن المسحوب عليه، على أنه يجوز أن يكون المكان في موطن شخص آخر (م382 تجاري)، ومع ذلك لا يترتب على إغفال هذا البيان بطلان الكمبيالة بل تعتبر واجبة الدفع في موطن المسحوب عليه (م 380/2 من القانون التجاري).

9- توقيع الساحب:

يقوم الساحب بإنشاء الصك وتسليمه إلى المستفيد، وهو مسئول عن الوفاء بقيمته، إذا امتنع المسحوب عليه عن الوفاء عند حلول ميعاد الاستحقاق، ولذلك كان من الطبيعي أن يوجب القانون أن تحمل الكمبيالة توقيعه على نحو مقروء على أساس أن هذا البيان يؤكد صدورها منه ورضاءه الالتزام بأداء قيمتها.

ويجب – كقاعدة – أن يتم التوقيع بخط اليد، إلا أنه يجوز متى كان الساحب أمياً، أن يوقع بالختم، كما يجوز أن يتم التوقيع ببصمة الإصبع. ولا يشترط أن يتم التوقيع بالاسم الكامل، مادام أن التوقيع يبين شخصية صاحبه بصورة واضحة نافية للجهالة، على أنه من المتفق عليه وجوب أن يرد التوقيع في أسفل الصك للدلالة على صدورها منه ورضائه بكل ما ورد بها من بيانات. ويعتبر الساحب المدين الأصلي في الكمبيالة، أما بعد أن يوقع عليها المسحوب عليه بالقبول أصبح هذا الأخير هو المدين الأصلي، أما الساحب فيعتبر مجرد ضامن للوفاء بقيمتها إذا امتنع المسحـوب عليه عن الوفـاء في ميعـاد الاستحقاق. وإذا ما خلا الصك من التوقيع، فإنه يفقد قيمته القانونية، ولا يمكن الاعتداد به.

المشاركات الشائعة