واحدة من أفضل العالمات التي أتت في زمن كان التعليم فيه حكراً علي الرجال، فتمكنت من الدراسة ونهلت من العلم بل تفوقت وتميزت في واحدة من العلوم الدقيقة وهو علم الذرة، وكانت لها آمال عظيمة حلمت أن تحققها وأن تستغل علمها لخدمة البشرية وإحلال السلام، ولكن لم يسمح لها بتحقيق ما كانت تهدف إليه فإمتدت لها يد الحقد وتم اغتيالها في حادث سيارة غامض في 15 / 8 /1952م .
إنها سميرة موسي المراة التي تحدت الجميع وتحدت نفسها وأثبتت بمهارتها وعِلمها أنها عبقرية فذة يندر أن ياتي الزمان بمثلها .
- مرحلة الطفولة :
ولدت سميرة موسي في 3 / 3 / 1917 بقرية سنبو الكبري مركز زفتي بمحافظة الغربية بمصر، ترعرعت سميرة في وسط جو سياسي إجتماعي كان يقصر حرية التعليم علي الرجل فقط، في مقابل ذلك ظهرت عدة حركات لتحرير المرأة ومنحها حقوق متساوية مع الرجل وعلي رأس هذه الحقوق حقها في التعليم، ويرجع الفضل لوالدها الذي حرص علي أن تتلقي إبنته العلم منذ الصغر متحدياً بذلك التقاليد السائدة في المجتمع في هذا الوقت.
كانت تتمتع سميرة بذاكرة قوية وذكاء حاد وهو الأمر الذي ساعدها في دراستها بعد ذلك حتى قرر والدها الرحيل الي العاصمة القاهرة حتي تتمكن ابنته من اكمال تعليمها، فإلتحقت بمدرسة (قصر الشوق ) الإبتدائية ثم مدرسة (بنات الأشراف) الثانوية الخاصة.
تفوقها العلمي : -
حرصت سميرة علي التفوق في جميع المراحل التعليمية فكانت الأولي في الشهادة التوجيهية عام 1935 م، وكان لتفوق سميرة فضل كبير علي مدرستها حيث كانت الحكومة تمنح المدرسة التي يخرج منها الأول معونة مالية، ونظراً لتفوقها وتميزها قامت مديرة المدرسة (نبوية موسي ) بشراء معمل خاص بالمدرسة وذلك عندما علمت أن سميره تنوي ان تنتقل الي مدرسة حكومية نظرا لتوافر معمل بها .
ووما يدل علي تفوق سميرة ونبوغها هو قيامها بإعادة صياغة كتاب (الجبر) وتوزيعة علي زملائها مجاناً بعد طبعة علي نفقة والدها.
حياتها الجامعية :-
قررت سميرة بعد ذلك ان تلتحق بكلية العلوم علي الرغم من أن مجموعها الكبير يؤهلها لدخول كلية الهندسة، إلا إنها فضلت كلية العلوم وذلك لإتفاقها مع ميولها، وفي الجامعة حققت سميرة الكثير من النجاح وقد ساعدها في ذلك أستاذها الدكتور (علي مشرفة ) والذي كان يشغل آن ذاك منصب (عميد كلية العلوم ) والذي أثر بها تأثيراً كبيراً، وإستمراراً لهذا التفوق تمكنت موسي من الحصول علي درجة البكالوريوس وكانت الاولي علي دفعتها، وقد تم تعيينها كأول معيدة في كلية العلوم بعد أن تحدت كل الإعتراضات التي واجهتها.
الدراسات العليا : -
لم تتوقف سميرة موسي عن تلقي العلم أو عن التوقف عن مرحلة تعليمية معينة بل كانت تسعي الي أن ترتقي نحو المزيد من العلم والمعرفة فحصلت علي شهادة الماجيستير في التواصل الحراري للغازات، وأعقبت ذلك بالسفر في بعثة الى بريطانيا وقامت بدراسة الإشعاع النووي، وحصلت علي الدكتوراه في الأشعة السينية وتأثيرها علي المواد المختلفة، وقد مكثت سميرة 3سنوات أنهت خلالها رسالة الدكتوراه، وتوصلت من خلال أبحاثها الي معادلة الرخيصة مثل النحاس وصنع القنبلة الذرية من مواد قد تكون في متناول جميع الدول.
إنجازتها : -
- إشتركت في العديد من الأنشطة الطلابية أثناء وجودها في كلية العلوم فإنضمت الي ثورة الطلاب عام 1932 م .
- شاركت جمعية الطلبة الثقافية العامة والتي تهدف الي محو الامية في الريف المصري .
- إنضمت الي جماعة إنقاذ الطفولة المشردة وانقاذ الاسرة الفقيرة .
- كان لها دوراً هاماً في إنشاء هيئة الطاقة الذرية.
- تنظيم مؤتمر الذرة من أجل السلام بكلية العلوم وسط مشاركة عالمية من قبل علماء العالم.
- كما كانت عضواً في كثير من من اللجان المتخصصة منها لجنة الطاقة والوقاية من القنبلة الذرية التي شكلتها وزارة الصحة المصرية .
- نشرت لها العديد من المقالات منها مقالة علمية بسيطة عن الطاقة الذرية .
مصرعها : -
لم يشاء عدد من الحاقدين أن ينعم الوطن العربي بنبوغ عالمة مثل (سميرة موسي ) فقد تم إغتيالها أثناء زيارتها الي الولايات المتحدة عندما تلقت دعوة لزيارة معامل سان لويس بولاية (ميسوري ) الأمريكية من أجل إجراء أبحاث علي معاملها، وقبل أن تعود بأيام تلقت دعوة من أجل زيارة معامل نووية في ضواحي ولاية كاليفورنيا، وفي الطريق الجبلي الوعر ظهرت فجأة سيارة نقل إعترضت طريق السيارة التي إستقلتها وإصطدمت بها بقوة ملقية بها بوادي عميق وقفز السائق منها ولم يعثر علي أثر له الي الآن، وإنتهت بذلك عالمة عظيمة كان من الممكن ان تغير الكثير في مجال الذرة والمجال العلمي في 15 / 8 / 1952 م .