قصة العابد والمرأة الجميلة: امتحان التقوى
في قديم الزمان، كان هناك عابدٌ زاهدٌ يعيش في مدينةٍ مليئةٍ بالفتن والمغريات، لكنه كان ثابتًا على طاعة الله، محافظًا على عبادته، يخافه في السر والعلن. كان الناس يعرفونه بحسن خلقه وعلمه، فكانوا يلجؤون إليه للنصح والإرشاد.
وذات يوم، جاءه شابٌ وقال له: "يا شيخ، إني أُعجِبت بامرأةٍ جميلةٍ، وهي تدعوني إلى الحرام، فبماذا تنصحني؟" ابتسم العابد وقال له: "اصبر وابتعد عن الفتن، فمن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه."
لكن ما لم يكن يعلمه العابد، هو أن تلك المرأة كانت قد سمعت عن تقواه، وأرادت أن تختبر صبره وثباته. فدبرت له مكيدةً، واستغلت نفوذها لإجباره على دخول قصرها.
عندما أُدخل العابد إلى القصر، وجد نفسه في غرفةٍ مزينةٍ بأفخم الزينة، ورائحة الطيب تفوح منها، والمرأة في أجمل حلةٍ، تقترب منه وتغلق الأبواب، ثم قالت له بصوتٍ ناعم: "أيها العابد، إنك رجلٌ صالح، لكنك تجهل لذة الحياة، اقترب ولن يعلم أحد!"
وقف العابد وهو يرتجف خوفًا، ليس من المرأة، بل من الله! وقال بصوتٍ ثابت: "إني أخاف الله!" ثم تذكر حديث النبي ﷺ: "من ترك شيئًا لله، عوضه الله خيرًا منه."
نظر حوله باحثًا عن مخرج، لكن الأبواب مغلقة، فركض إلى زاويةٍ من الغرفة حيث وُجد تنورٌ (فرنٌ كبيرٌ من الطين) مشتعلاً، فوضع يده على لهيبه للحظة! فصرخت المرأة: "ماذا تفعل؟!"
قال العابد: "أريد أن أذكّر نفسي بحرِّ جهنم حتى لا أقع في الحرام!"
اهتزت المرأة خوفًا وتأثرت بكلماته، وامتلأ قلبها برهبة الله، ثم قالت وهي تبكي: "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله!"
ومنذ ذلك اليوم، أصبحت المرأة من العابدات الصالحات، وتابت إلى الله بصدقٍ، وصارت تدعو الناس للخير، بفضل رجلٍ صادقٍ لم يغره الجمال، ولم يفتنه المال، بل كان قلبه عامرًا بتقوى الله.
العبرة:
التقوى ليست مجرد كلمات، بل هي موقفٌ يثبت فيه المؤمن على الحق، حتى عندما يكون وحده في مواجهة الفتنة. ومن ترك شيئًا لله، رزقه الله ما هو أعظم.