وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين

     .. سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر". **** وعن أبي هريرة و أبي سعيد رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إن الله اصطفى من الكلام أربعا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر *** قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بخ بخ لخمس ما أثقلَهن في الميزان: لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، والولد الصالح يُتوفَّى للمرء المسلم فيحتسبه ***

ad

الأربعاء

مَدِينَةُ عَثَرَ



مَدِينَةُ عَثَرَ 

كَثِيرَةٌ هِي الْمُدُنُ الَّتِي شَهِدْتِ أحداثاً تارِيخِيَّةً، وَمَرَّتْ عَلَى أَرْضِهَا حَضَاَرَاتِ عُدَّةٍ، إلّا أَنّهَا اِنْدَثَرْتِ وَطَوَاهَا الزَّمَنُ وَلَمْ يَبْقَ مِنهَا سِوَى أَطِلَاَلٍ حَتَّى أيَّامِنَا هَذِهِ، 

وَتُعْتَبَرْ مَدِينَةُ عَثَرَ الْوَاقِعَةُ فِي أقْصَى الْجَنُوبِ الْغُرْبَِيِّ مِنَ الْمَمْلَكَةِ الْعَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ، وَاحِدَةُ مِنْ هَذِهِ الْمُدُنَ المندثرة. حَيْثُ يُعَوِّدَ تَارِيخُ هَذِهِ الْمَدِينَةَ إِلَى فترة بِدَايَة ظُهور الْإِسْلَامِ، وَقَدْ جَاءَ أَبُو مُحَمَّد الهمداني عَلَى ذَكَرِهَا فِي كُتَّابِهِ( صِفَة جَزِيرَة الْعَرَبِ) 

إِذْ قَال:( فَبَاحَةُ جازانٍ إِلَى عَثَرَ، لَبَسَتَا عَثَرَ وَهُوَ شَدِيدُ الْمَوْجِ).

 وَتَارِيخُ الْمَدِينَةِ يُعَوِّدُ إِلَى الْأُسْرَةِ الزِّيادِيَّةِ اِلْتِهامِيَّةٌ، وَمِنْ بَعْدهُمْ سَلِيمَانِ بُنّ طَرَف الْحُكْمِيِّ، إلّا أَنَّ مُؤَسِّس عَثَرَ وَأبرزُ حُكَّامُهَا كَانَ الْمِخْلَاَفُ السُّلَيْمانِيُّ. 

مُوَقِّعُ عَثَرَ 

كَانَتْ عَثَرَ تَقَعُ فِي مِنْطَقَةِ جازانٍ، ضِمْنَ يَابِسَةٍ تَتَوَغَّلُ فِي مِيَاهِ الْبَحْرِ الْأحْمَرِ، وَتُسْمَى رَأْسُ طَرِفَةٍ، عَلَى مُقَرِّبَةٍ مِنْ مِنْطَقَةِ قوز الجعافرة، حَيْثُ تَبْعُدَ مَسَافَةُ سِتَّةَ عَشَرَ كِيلُومِترَا مِنْ مِنْطَقَةِ صَبِيًّا.

 وَقَدْ قُسِمَ عُلَمَاءُ الْمَسْحِ الْأثَرِيِّ الْمُدِينَةِ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقسَامٍ، حَسْبُ مُكَوِّنَاتٍ وَمَوْجُودَاتِ كَلٍّ مِنهَا وَهِي: 

مَدِينَةُ عَثَرَ1

 هِي عِبَارَةٌ عَنْ أَرْضٍ رَمْلِيَّةٍ، فَوْقهَا مَجْمُوعَةُ مِنَ التِّلَالِ الصَّخِرِيَّةِ بِسَمَّاكَاتٍ كَبِيرَةٍ، تَكْسُوَهَا بَقَايَا حَضارِيَّةُ مِنَ الْفَخَّارِ الْمَكْسُورِ، وَالَّذِي قَدْ اِخْتَلَطَ بَعْضُهُ بالأصداف، وَتَقْدُرَ أَبْعَادُهَا بمئة مِتْر طَوَّلَا مِئَة مِتْر عَرَضًا.

 مَدِينَةُ عَثَرَ 2


 الْمِنْطَقَةَ الَّتِي تَحْصَرُ هَذِهِ الْمَدِينَةَ لَهَا ذَاتُ خصائص سَابِقَتَهَا، إلّا أَنّهُ قَدْ تُمَّ الْعُثُورُ فِيهَا عَلَى أَنْقَاضِ دِعَامَاتِ تَعَوُّدِ لِمَسْجِدِ مِنْ حَجَرِ الْآجُرِّ، وَرَدْم لِبَعْضُ الْأبْنيَةِ وَالتَّكْوينَاتِ الْمِعْمَارِيَّةَ، وَتَقْدُرَ أَبْعَادُهَا بِثُلَاثَيْنِ مِتْرًا طَوَّلَا، ثَلَاثِينَ مِتْرًا عَرَضًا.

 مَدِينَةُ عَثَرَ 3 

هَذِهِ الْمَدِينَةَ كسابقتيها، فَهِي غَنِيَّةُ بِبَقَايَا الْفَخَّارِ الْمَكْسُورِ، كَمَا تَكَثُّرُ فِيهَا القواقع وَالْمُسْتَحاثَاتُ الْبَحْرِيَّةُ حَوْلَ السَّبِخَةِ، وَفِي سَهُولِهَا الْمُنْبَسِطَةِ يُلَاحِظُ بِوُضُوحٍ تَأْثِير الْمُدِّ وَالْجُزُرِ فِي رَسْمِ حُدودهَا، حَيْثُ تَتَدَاخَلَ الْيَابِسَةُ مَسَافَةَ اِثْنَينِ كِيلُومِتر دَاخِلِ مِيَاهِ الْبَحْرِ، عَلَى شَكْلِ لِسَانٍ، وَتَقْدُرَ أَبْعَادُهَا بِثُلَاثَيْنِ مِتْرًا طَوَّلَا، ثَلَاثِينَ مِتْرًا عَرَضًا. 

أهَمِّيَّةُ عَثَرَ تَارِيخيا 

كَانَ لِمَدِينَةِ عَثَرَ فِي الْعَصْرِ الْإِسْلَامِيِّ أهَمِّيَّة كُبْرَى فِي مَجَالِ سَكِّ النُّقُودِ، فَقَدْ تُسَابِقَ النَّاسُ قَدِيمَا لِاِقْتِنَاءِ الدِّينَارِ الْعَثْرَِيِّ وَالتَّعَامُلِ بِهِ، كَتِلْكَ الدَّنَانيرَ الذَّهَبِيَّةَ الْمَضْرُوبَةَ فِي بيش فِي عَهْدِ الْمُطِيعِ لله الْخَلِيفَةَ الْعبَاسِيَّ، وَالَّتِي تَعَوُّدٌ إِلَى عَامِّ 363 لِلْهجرةِ، وأيضاً الَّتِي فِي عَهْدِ اِبْنهُ الْخَلِيفَةَ أَبِي بِكْرِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الطَّائِعِ بِاللَّهِ، فَقَدْ كَانَتْ عَثَرَ مِينَاء تِجَارِيَّا شَهِيرًا لَهُ وَزَّنَهُ فِي زَمَنِ الْعَبّاسِيِّينَ، وَقَدْ تُمَّ الْعُثُورُ فِي مُوَقِّعِهَا عَلَى الْعَدِيدِ مِنَ الْقِطَعِ الْفَخَّارِيَّةِ، وَالْخَزَفِيَّةُ الْمُلَوِّنَةُ وَالْمُزَيِّنَةُ بِالزَّخَارِفِ وَالنُّقُوشِ، بِالْإضَافَةِ إِلَى مَصْنُوعَاتٍ مِنَ الْمَعَادِنِ كَالْْخَنَاجِرِ وَالسَّكَاكِينِ وَبَعْضُ الْخَرَزِ وَالْعَاجِ وَالْقِطَعِ النَّقْدِيَّةِ.

المشاركات الشائعة