يُطلق جمع القرآن على معنيين
الأول: جمعه بمعنى حفظه في الصدور
قال تعالى في سورة القيامة:
إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ
والمعنى جمع القرآن في صدرك وإثبات قراءته على لسانك.
وقد حفظ القرآن كثير من الصحابة (رضي الله عنهم) أشهرهم: أُبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وعلي بن أبي طالب، وغيرهم كثير ..
الثاني: جمعه بمعنى كتابته
لقد توفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، والقرآن محفوظ في الصدور، ومكتوب في الرقاع ، واللخاف ، والعسب والأكتاف، لكنه مفرق ولم يرتب في مصحف واحد على عهد النبي (صلى الله عليه وسلم).
والسبب الهام في عدم جمع القرآن مرتبًا في مصحف واحد على عهد النبي هو: أن النبي (صلى الله عليه وسلم)، كان يترقب دائمًا-إلى وفاته-نزول شيء جديد من القرآن، فلو رتب أولاً بأول وجمع بين دفتي مصحف واحد، لأدى هذا إلى كثرة التغيير والتبديل كلما نزلت عليه آية، وفي هذا من المشقة ما فيه.
جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق
ظل القرآن الكريم على هذه الحال مفرقًا غير مجموع في مصحف واحد، إلى أن كانت خلافة أبي بكر (رضي الله عنه)، فواجهته أحداث جسام، وقامت حروب الردة، واستحرّ القتل بالقراء في وقعة اليمامة - سنة اثنتي عشرة للهجرة - واستشهد سبعون قارئاً من حفاظ القرآن. هالَ ذلك عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، وخاف أن يضيع شيء من القرآن بموت حفظته، فدخل على أبي بكر (رضي الله عنه)، وأشار عليه بجمع القرآن وكتابته خشية الضياع، فنفر أبو بكر من هذه المقالة، وكَبَرَ عليه أن يفعل ما لم يفعله رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وظل عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يراوده حتى شرح الله صدر أبي بكر (رضي الله عنه) لهذا الأمر.
الأول: جمعه بمعنى حفظه في الصدور
قال تعالى في سورة القيامة:
إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ
والمعنى جمع القرآن في صدرك وإثبات قراءته على لسانك.
وقد حفظ القرآن كثير من الصحابة (رضي الله عنهم) أشهرهم: أُبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وعلي بن أبي طالب، وغيرهم كثير ..
الثاني: جمعه بمعنى كتابته
لقد توفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، والقرآن محفوظ في الصدور، ومكتوب في الرقاع ، واللخاف ، والعسب والأكتاف، لكنه مفرق ولم يرتب في مصحف واحد على عهد النبي (صلى الله عليه وسلم).
والسبب الهام في عدم جمع القرآن مرتبًا في مصحف واحد على عهد النبي هو: أن النبي (صلى الله عليه وسلم)، كان يترقب دائمًا-إلى وفاته-نزول شيء جديد من القرآن، فلو رتب أولاً بأول وجمع بين دفتي مصحف واحد، لأدى هذا إلى كثرة التغيير والتبديل كلما نزلت عليه آية، وفي هذا من المشقة ما فيه.
جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق
ظل القرآن الكريم على هذه الحال مفرقًا غير مجموع في مصحف واحد، إلى أن كانت خلافة أبي بكر (رضي الله عنه)، فواجهته أحداث جسام، وقامت حروب الردة، واستحرّ القتل بالقراء في وقعة اليمامة - سنة اثنتي عشرة للهجرة - واستشهد سبعون قارئاً من حفاظ القرآن. هالَ ذلك عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، وخاف أن يضيع شيء من القرآن بموت حفظته، فدخل على أبي بكر (رضي الله عنه)، وأشار عليه بجمع القرآن وكتابته خشية الضياع، فنفر أبو بكر من هذه المقالة، وكَبَرَ عليه أن يفعل ما لم يفعله رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وظل عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يراوده حتى شرح الله صدر أبي بكر (رضي الله عنه) لهذا الأمر.
ويدلنا على ذلك ما رواه البخاري عن زيد بن ثابت أنه قال:
“بعث إليّ أبو بكر الصديق مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال: إن عمر بن الخطاب أتاني فقال: إن القتل استحرّ بقراء القرآن يوم اليمامة، وإني أخشى أن يستحرَ القتل بالقراء في المواطن كلها، فيذهب القرآن كثير، وإني أرى أن تجمع القرآن. قال أبو بكر: فقلت لعمر: كيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟ فقال: هو والله خير، ولم يزل يراجعني في ذلك حتى شرح الله صدري ورأيت الذي رأى عمر فقال لي أبو بكر:
يا زيد إنك شاب عاقل لا نتهمك، وكنت تكتب الوحي لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فتتبع القرآن فاجمعه - فوالله لو كفلوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي من ذلك.
قلت: فكيف تفعلان شيئاً لم يفعله رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟
“بعث إليّ أبو بكر الصديق مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال: إن عمر بن الخطاب أتاني فقال: إن القتل استحرّ بقراء القرآن يوم اليمامة، وإني أخشى أن يستحرَ القتل بالقراء في المواطن كلها، فيذهب القرآن كثير، وإني أرى أن تجمع القرآن. قال أبو بكر: فقلت لعمر: كيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟ فقال: هو والله خير، ولم يزل يراجعني في ذلك حتى شرح الله صدري ورأيت الذي رأى عمر فقال لي أبو بكر:
يا زيد إنك شاب عاقل لا نتهمك، وكنت تكتب الوحي لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فتتبع القرآن فاجمعه - فوالله لو كفلوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي من ذلك.
قلت: فكيف تفعلان شيئاً لم يفعله رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟
قال أبو بكر: هو والله خير.
ولم يزل أبو بكر يراجعني في ذلك حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر.
فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والعسب واللخاف وصدور الرجال.
فوجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري.
فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والعسب واللخاف وصدور الرجال.
فوجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري.
لم أجدها مكتوبة مع غيره وهي قوله تعالى:
لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ
حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند حفصة بنت عمر”.
لقد راعى زيد بن ثابت نهاية التثبت والحرص، فكان لا يكتفي بالحفظ دون الكتابة، وحرص على المطابقة بين ما هو محفوظ ومكتوب، وعلى أن الآية من المصدرين جميعًا.
أما قوله عن آخر سورة التوبة: “لم أجدها عن غيره” يقصد أنه لم يجدها مكتوبة عند غيره وكان زيد يحفظها، وكان كثير من الصحابة يحفظونها كذلك. ولكن زيدًا لا يكتفي بالحفظ دون الكتابة.
وأتم زيد هذا الجمع، والقرآن غضّ محفوظ في الصدور، ومكتوب في السطور، مصداقًا لقوله تعالى:
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ
ويمتاز جمع القرآن في عهد أبي بكر، بأنه أول جمع للقرآن بين دفتين في مصحف واحد.
جمع القرآن في عهد عثمان
اتسعت رقعة الأمصار الإسلامية في عهد عثمان (رضي الله عنه)، وتفرق الصحابة في الأمصار يُقرِئون الناس القرآن. وأخذ كل بلدٍ عن الصحابي الذي وفد إليهم قراءته، وظهرت قراءات متعددة منشؤها اختلاف لهجات العرب.
ولما اجتمع أهل العراق، وأهل الشام، لغزو ثغور أرمينية وأذربيجان ظهر الخلاف بينهم في قراءة القرآن، وأنكر بعضهم على بعض ما يقرأون. شهد ذلك حذيفة بن اليمان (رضي الله عنه)، فركب إلى عثمان (رضي الله عنه) وقال له :
“يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في كتاب الله...”
فأرسل عثمان إلى حفصة أم المؤمنين (رضي الله عنهما)، أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان وأمر زيد بن ثابت الأنصاري وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا إختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فأكتبوه بلسان قريش؛ فإنه إنما نزل بلسانهم، ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف، رد عثمان الصحف إلى حفصة.
وأرسل عثمان إلى كل أُفُق بمصحف مما نسخوا، إلى مكة، والشام، والبصرة، والكوفة واليمن والبحرين، وأبقى عنده في المدينة مصحفًا واحدًا. وقضى بذلك على الاختلاف الذي ظهر في القراءة بين بعض المسلمين.
وقد درج العلماء على تسمية المصحف المكتوب بأمر عثمان بـِ “مصحف عثمان” أو “المصحف الإمام”. وبهذا قطع عثمان دابر الفتنة وحسم مادة الخلاف، وحصن القرآن من أن يتطرق إليه شيء من زيادة أو تحريف على مر العصور والأزمان.
مميزات جمع القرآن في عهد عثمان
الاقتصار على لهجة واحدة هي لهجة قريش فيما اختلف فيه.
جمعه مرتب الآيات والسور على النحو الذي هو عليه الآن.
الفرق بين جمع أبي بكر وعثمان
1. الباعث لدى أبي بكر (رضي الله عنه) لجمع القرآن هو الخوف عليه من الضياع بموت حفاظه بعد أن استخرّ القتل بالقراء.
أما الباعث لدى عثمان (رضي الله عنه) فهو كثرة الاختلاف في وجوه القراءة.
2. جمع أبي بكر كان نقلاً لما كان مفرقًا في الرقاع والعسب والأكتاف في مصحف واحد.
أما جمع عثمان فكان نسخًا لعدة مصاحف على حرف واحد حتى يجمع الناس على مصحف واحد ولهجة واحدة هي لهجة قريش، ويقطع بذلك دابر الخلاف.
لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ
حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند حفصة بنت عمر”.
لقد راعى زيد بن ثابت نهاية التثبت والحرص، فكان لا يكتفي بالحفظ دون الكتابة، وحرص على المطابقة بين ما هو محفوظ ومكتوب، وعلى أن الآية من المصدرين جميعًا.
أما قوله عن آخر سورة التوبة: “لم أجدها عن غيره” يقصد أنه لم يجدها مكتوبة عند غيره وكان زيد يحفظها، وكان كثير من الصحابة يحفظونها كذلك. ولكن زيدًا لا يكتفي بالحفظ دون الكتابة.
وأتم زيد هذا الجمع، والقرآن غضّ محفوظ في الصدور، ومكتوب في السطور، مصداقًا لقوله تعالى:
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ
ويمتاز جمع القرآن في عهد أبي بكر، بأنه أول جمع للقرآن بين دفتين في مصحف واحد.
جمع القرآن في عهد عثمان
اتسعت رقعة الأمصار الإسلامية في عهد عثمان (رضي الله عنه)، وتفرق الصحابة في الأمصار يُقرِئون الناس القرآن. وأخذ كل بلدٍ عن الصحابي الذي وفد إليهم قراءته، وظهرت قراءات متعددة منشؤها اختلاف لهجات العرب.
ولما اجتمع أهل العراق، وأهل الشام، لغزو ثغور أرمينية وأذربيجان ظهر الخلاف بينهم في قراءة القرآن، وأنكر بعضهم على بعض ما يقرأون. شهد ذلك حذيفة بن اليمان (رضي الله عنه)، فركب إلى عثمان (رضي الله عنه) وقال له :
“يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في كتاب الله...”
فأرسل عثمان إلى حفصة أم المؤمنين (رضي الله عنهما)، أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان وأمر زيد بن ثابت الأنصاري وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا إختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فأكتبوه بلسان قريش؛ فإنه إنما نزل بلسانهم، ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف، رد عثمان الصحف إلى حفصة.
وأرسل عثمان إلى كل أُفُق بمصحف مما نسخوا، إلى مكة، والشام، والبصرة، والكوفة واليمن والبحرين، وأبقى عنده في المدينة مصحفًا واحدًا. وقضى بذلك على الاختلاف الذي ظهر في القراءة بين بعض المسلمين.
وقد درج العلماء على تسمية المصحف المكتوب بأمر عثمان بـِ “مصحف عثمان” أو “المصحف الإمام”. وبهذا قطع عثمان دابر الفتنة وحسم مادة الخلاف، وحصن القرآن من أن يتطرق إليه شيء من زيادة أو تحريف على مر العصور والأزمان.
مميزات جمع القرآن في عهد عثمان
الاقتصار على لهجة واحدة هي لهجة قريش فيما اختلف فيه.
جمعه مرتب الآيات والسور على النحو الذي هو عليه الآن.
الفرق بين جمع أبي بكر وعثمان
1. الباعث لدى أبي بكر (رضي الله عنه) لجمع القرآن هو الخوف عليه من الضياع بموت حفاظه بعد أن استخرّ القتل بالقراء.
أما الباعث لدى عثمان (رضي الله عنه) فهو كثرة الاختلاف في وجوه القراءة.
2. جمع أبي بكر كان نقلاً لما كان مفرقًا في الرقاع والعسب والأكتاف في مصحف واحد.
أما جمع عثمان فكان نسخًا لعدة مصاحف على حرف واحد حتى يجمع الناس على مصحف واحد ولهجة واحدة هي لهجة قريش، ويقطع بذلك دابر الخلاف.